الرحيل

 

النور الديّني – جدة

كنت دائماً أحب الرحلات الطويلة خاصةً تلك البرّية و كنت أحرص على ترتيب أدق التفاصيل استعداداً لها و أسعى فرِحةً لأكون أميرتها ، دون ملل ،، أتذكر تماماً كيف كان وجهي يتأجج بشاشة ، أتذكر بدقة ماذا كانت تقول لي أمي عند كل رحلة ، ” أسألوا أختكم هي المسؤولة دوماً …” ، كبُر إخوتي و كبُرت ، و تحولت تلك البشاشة الوديعة إلى خوف و حذر و ترقُّب، ضاق نطاق الصبر و أصبحت أستعجل النهايات و اعتذر عن كل الرحلات الطويلة ، و خاصةً تلك الرحلات التي لا تنتمي للطَوع أبداً ، التي تشِّف بدايتها عن نهايتها ، فرحلة التجاهل موجعة، و رحلة الصمت مُملّة ، و رحلة المرض مُفجِعة ، و رحلة كورونا على الأرجح مُميته …..
و عن تلك الأخيرة خُطفَ مِن مُحيطي من ظننت طول رحلتهم في هذه الحياة ، دون مقدمات دون إذن ، و دون رحلة عودة ،،

تجعلني دائماً أترَقّب ” من التالي ،،
بعد التحيّة ،، تطوِّق أغلب من تعانقهم و تحذفه في محطة الرحيل ،،
لا تشبع لا تهدأ لا تُردع ولا تمَل …
ليس لها هوية أو وجهه معينة ، تفاصيلها تختلف تماماً في كل مرّة ،،
تلتهم كل ما تمتلكه و تتسبب دائماً في خيبة الآمال
كورونا هي الرحلة الأسوأ على الإطلاق ، بل رُبما هي الشر الذي خلا تماماً من كل الخير ،.

عن سمر ركن

شاهد أيضاً

رباه .. شعر

أَبُو مُعَاذ عُطِيف رَبَّاهُ إِنِّي فِي الذُّنُوبِ مُقَيَّدٌ يَا مَنْ إِذَا جَنَّ الظَّلَامُ يَرَانِي إنِّي …

2 تعليقان

  1. مقال جدا رائع مناسب لأجواء الربيعيه .احسست وانا اقرأه كأني في رحله ممتعه

  2. مرحبا ،

    ما الذي يحدث!
    او ماذا حدث
    او ما سيحدث ؟

    كُلها الاشياء تعود ..
    ولن تعود !

    الخوف يملئ كُل شيء هُنا ..

اترك رداً على ام احمد إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.