لمسة إحسان عنوان للعناية بتجربة المريض

روان صالح الحميدي

 

تتولى قيادتنا الرشيدة أعزها الله الأولوية القصوى صحة المواطن ويتضح ذلك جليا وبشكل يكاد يكون يومي من خلال التحديث والتطوير المستمر في المنظومة الصحية وآليات العمل الصحي ومستهدفاته التنموية سواء على المدى الطويل أو القصير حيث حملت رؤية المملكة 2030 مضامين محققة لتطلعات السامية للقيادة الرشيدة إذ تنص الرؤية على ” تحويل القطاع الصحي بطريقة متدرجة وآمنة ووفق منظور المستفيد بحيث يكون فعالا وعالي الكفاءة ومواكبا للتقنية ويرقى الى مستوى الخدمات الصحية بشقيها الوقائي والعلاجي للفرد والمجتمع ككل “. وتأسيسا على ذلك فإن من المعاني الضافية والمستهدفات الهامة لتلك الرؤية السديدة العناية بتجربة المريض بهدف الارتقاء بجودة الخدمة الطبية المقدمة، وإذا كانت تلك تطلعات الرؤية فإن مسؤولية تحقيقها تبقى مسؤولية الممارسين للعملية الصحية بكافة قطاعتها سواء الطبية او المساعدة فهم بتطبيقهم لمفهوم العناية بتجربة المريض إنما يعملون على بناء الثقة بين الكوادر الطبية والمساعدة والمريض بما يعود بالخير العميم سواء على الوطن أو المواطن.

حصل لي موقف في إحدى المستشفيات جميعًا نعلم يأتي موسم يكون فترة الازدحام والانتظار مدته تطول عن الموعد الذي تم حجزه مسبقًا ، رأيت امرأة مسنة على كرسي متحرك وفي عينيها نظرات الحزن أتيت لأسالها إن كانت تريد شيئا لإني لم أرى سوى الخادمة برفقتها فقالت ( أنا يا ابنتي امرأة مسنة ولا احتمل الجلوس على الكرسي فترة طويلة وأريد فقط من يشعر بي أنا ليس لي سوى الله سبحانه والخادمة التي ترينها وهي لا تفهم شي عن ديارنا وعندما ذهبت إلى الاستقبال حتى أستفسر لأنني انتظرت كثيرا وأتفاجأ بردها غيرك منتظرون كثيرًا وأتوا قبلك بساعات يا خالة.

يا ابنتي تمنيت أنها راعت كبر سني وتحدثت معي بصوت هادئ وقالت سأحاول قدر المستطاع سوف تدخلين على الطبيبة ولن تتأخري أكثر من ذلك  ، سوف تتبدل حالتي وأطمئن وأقوم بتلاوة مصحفي حتى يحين دوري .

هذه السيدة المسنة طرحت المشكلة وعرضت الحل في آن واحد.

إن أهم ما يحتاجه المريض في اللحظة الأولى لطلب الخدمة الطبية الشعور بالاهتمام بمعانته وكأنه الوحيد صاحب المعاناة ولا أحد غيره ويتخذ ذلك الشعور بالاهتمام من الفريق الطبي بالمريض في اللحظات الأولى منحه الوقت الكافي للتعاطف مع حالته مهما كانت تبدو بسيطة من وجهة نظر الفريق الطبي لكنها بالنسبة للمريض تعد معاناة وألما يحتاج معه إلى أن يشعر باهتمام كل من حوله ولاسيما الفريق الطبي.

هناك الكثير من القصص التي تروى والحكايات التي قد نراها خلال تواجدنا في المستشفى ولو لزيارة مريض على سبيل المثال ونستمع إلى حوارات تدور بين الممرضة أو المساعدة الطبية أو نقاشات حول الحالة المرضية وعندما يبدأ المريض السؤال عن حالته أو عن نتيجة التحاليل الطبية ليجد المريض نفسه في مواجهة مع سيل من المصطلحات الطبية التي لا يعرف معناها ولا بماذا تتعلق ، ولذا فإن العناية بتجربة المريض تبدأ من اللحظة الأولى لاستقبال المريض ذلك أن المريض يبدأ في تسجيل انطباعاته منذ وصوله إلى مدخل المنشأة الصحية فإن بدأت اللحظة الأولى بداية جيدة كانت بقية التجربة جيدة وإن بدأت جيدة ثم واجهن صعوبات في المنتصف فقد يبدأ المريض في التعميم على التجربة بالمجمل ليست موفقة ولذا فإن الكلمات الأولى التي يسمعها المريض تجعله يبدأ في تسجيل انطباعاته عن تلك التجربة ولن نكون مبالغين إن قلنا أن العلاقة الناجحة للمريض داخل المنشأة الصحية تحتاج إلى لمسات بسيطة لتجعل من العلاقة بين المريض والطبيب والطواقم الطبية المساعدة علاقة ممتازة ومميزة فحسن المعاملة هي كل ما يحتاجه المريض من جميع العاملين في الوسط الطبي أول ما يحتاجه المريض الرفق في التعامل لاسيما مع كبار السن فكما قال رسولنا الكريم ” تبسمك في وجه أخيك صدقة ” ولذا هي دعوة نوجهها إلى كافة العاملين في الوسط الطبي حول أهمية العناية بتجربة المريض بحسن المعاملة والإحسان إلى كبير السن والمرأة والصغير وجميع المرضى فجميعهم بحاجة إلى لمسة إحسان .

عن د. وسيلة الحلبي

شاهد أيضاً

مملكة الإنسانية

  بقلم/ مشاري محمد بن دليلة* المملكة العربية السعودية منذ بزوغ فجرها على يد مؤسسيها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.