الإنصاف عزيز لا يأتي إلا من عزيز

بقلم : نورة السحيمي
الإنصاف – فعل وقول الحق ولو على نفسك- خلقٌ رفيع لا يتصف به إلا قليل.
وأرفع من ذلك الإنصاف مع الخصوم، أن تنصف خصمك من نفسك. وهذه من أعظم وأندر الخصال لدى الناس.
وليس أشد على النفس من أن تبحث عن الإنصاف في موقف يعز فيه المنصفون؛ وفي الوقت الذي تنصف فيه الأخرين من نفسك وتظن أن المعاملة بالمثل.
وفي هذا الموقف يتبادر إلى ذهني الموقف المشابه الذي عايشه الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد وخلد شعوره المؤلم في أبياته الشهيرة في معلقته:
وظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً
عَلى المَرءِ من وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ
أن تتوقع الإنصاف لأنك منصف هذا توقع خاطئ تمامًا، بل وغير واقعي ومؤذي لنفسك؛ لأن الإنصاف عزيز.
ومصداقًا لذلك قول التابعي مالك بن دينار رحمه الله: ليس في الناس شيء أقل من الإنصاف!
وقد تفكرت وتأملت في السبب خلف ندرة هذه الصفة؛ ووجدت أن من يتصف بها هو شخص “أقرب إلى التقوى” كما في قوله تعالى: “وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ”.
ويكفي أن تعلم لتطمئن نفسك أن ليس كل الناس قريبين للتقوى.



