مقالات و رأي

اليوم الوطني بين الماضي والحاضر والمستقبل

بقلم المستشار/ هاني زكي الفل

في الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1932م الموافق للسابع عشر من جمادى الأولى عام 1351هـ، سُطّر حدث تاريخي عظيم بإعلان توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – لتتحول أرض الجزيرة من شتات وفرقة إلى وحدة راسخة ودولة فتية، بفضل إرادته القوية ورؤيته البعيدة، وحّد القلوب قبل أن يوحّد الأرض، وغرس في أبناء الوطن معاني الولاء والانتماء.
لم يكن مجرد مؤسس لدولة، بل كان صانع نهج وباني رسالة، أرسى دعائمها على العدل والشريعة، ورسّخ قيم الشجاعة والكرم والوفاء، فترك إرثاً خالداً سار عليه أبناؤه الملوك من بعده.
ورغم ما حفلت به تلك المرحلة من تحديات جسام وصحارى مترامية وقبائل متفرقة وواقع سياسي مضطرب، فقد استطاع المؤسس أن يحوّلها إلى دولة عصرية ذات حضور سياسي ودولي، تنهض بأمنها واستقرارها، وتحمل رسالتها السامية إلى العالم الإسلامي.

واليوم وبعد أكثر من تسعين عاماً، لم يعد اليوم الوطني مجرد استذكار لماضٍ عريق، بل أصبح مناسبة حيّة نعانق فيها الحاضر ونفاخر بما تحقق من منجزات، فالمملكة اليوم تعيش نهضة شاملة يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – أيده الله – وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – حيث انطلقت مسيرة التحول في مختلف القطاعات لتجعل المملكة قوة مؤثرة إقليمياً وعالمياً، وشريكاً رئيسياً في القضايا الدولية، ومركزاً اقتصادياً وثقافياً وحضارياً.
لقد برزت مشروعات كبرى مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية بوصفها معالم اقتصادية واستثمارية ترسم ملامح جديدة للمستقبل، كما أصبحت المملكة في مصاف الدول المتقدمة في مجال التحول الرقمي والخدمات الإلكترونية، فيما ازدانت الهوية الوطنية بفعاليات وأنشطة ثقافية ورياضية واجتماعية تعكس أصالة المجتمع وتلاحم الشعب مع قيادته، وأضحى الدور السعودي عالمياً في مجالات السياسة والطاقة والإغاثة والإنسانية ركيزة للاستقرار والأمن.

أما المستقبل فهو لوحة طموحة مرسومة بوضوح في رؤية المملكة 2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – بتوجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين.
رؤية لا تقتصر على الاقتصاد بل تمتد إلى بناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح يضع الإنسان في قلب التنمية.
المستقبل السعودي يفتح أبوابه لجيل شاب مبدع يقود الابتكار والريادة، ويرسم ملامح عالم أكثر استدامة عبر مبادرات السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، ويؤسس لاقتصاد معرفي متطور يستثمر في الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة.
والان المملكة تسجل ارقام قياسية جديدة عالمية في الثقافة والسياحة والتقنية، كما تقدم للعالم نموذجاً يجمع بين الأصالة والتجديد، وبين العراقة والطموح.

وهكذا فإن اليوم الوطني بين الماضي والحاضر والمستقبل ليس مجرد ذكرى سنوية بل هو قصة وطن لا تنتهي، قصة بدأت بتوحيد الأرض على يد المؤسس، وازدهرت بإنجازات الحاضر في ظل قيادة رشيدة، وتمتد لتبشر بمستقبل أكثر إشراقاً تصوغه قيادة شابة طموحة وتشارك في بنائه سواعد أبناء هذا الوطن.
إنها مسيرة مستمرة تتجدد مع كل يوم وطني، لتؤكد أن المملكة العربية السعودية ماضية بعون الله نحو آفاق أرحب من التقدم والريادة، متسلحة بإيمانها وقيمها، وماضية بعزيمة لا تعرف المستحيل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى