“الجمالة” ..حارة الطيبين والكرماء

الكاتبة..نوال بنت عمر العمودي
قبل 50 عاما ، كانت الحارة تستقبل عشرات الجمال محملة بمختلف البضائع من مواد غذائية وأقمشة وزيوت وأطياب، وكان العتالة والحمالون يتهافتون على الجمال لإنزال البضائع التي ترد إلى السوق من اليمن بأسماء التجار ومنهم جدي رحمة الله عليه.
لهذا سميت بحارة الجمالة لكثرة الجمال التي ترد إليها.
في حارة الجمالة، حيث تتعانق الأزقة وتلتقي بأصوات الباعة، كان المكان ينبض بالحياة. كان أبي خفيف الظل، يسرح ويمرح بين الدكاكين، محاطاً بأجواء العمل والحركة. كان جدي، كبير العائلة، هو العمود الفقري لهذا المكان، يحمل بصائر متنوعة من الخبرة والحكمة التي اكتسبها على مر السنين.
داخل ساحة السوق، كانت المحلات التجارية الكبيرة تكتظ بالناس. كل دكان كان له قصته الخاصة، لكن دكان الألعاب والحلويات كان دائماً الأكثر جذباً. كان أبي يأخذنا هناك، حيث تلمع عيوننا أمام الألعاب الملونة والحلويات الشهية.
بينما كنت أراقب أحد أعمامي، رأيت في يده حزمة كبيرة من المفاتيح، كل مفتاح يحمل قصة من قصص الماضي. صوت المفاتيح وهو يطرق الأبواب الخشبية كان يذكرني بأصوات الطفولة، حيث كانت الأقفال الضخمة تحرس الأسرار التي تحتويها الدكاكين.
كان عم عبدة، العامل الماهر، يقود عربة الحمار، يأخذنا مع أطفال الحارة في جولة حول المدينة. كان يشرح لنا عن دكان عم حسين للحلويات، وكم كانت رائحته عطرة، محملة بذكريات الطفولة. كانت الحياة هنا معتقة بالطيبين والكرماء، حيث كل زاوية تحكي قصة، وكل ركن يحمل عبق الماضي.
في ذلك الشارع، شعرت بعمق الانتماء، وبأن كل لمسة من المكان تعيدني إلى ذاكرة مليئة بالحب والحنين.



