مقالات و رأي

بداية الغيث قطرة…

ندا عبدالعزيز الجهني
اخصائية سعادة وجودة علاقات وحياة

في كل مرحلةٍ من مراحل حياتك، قد تشعر أنك اقتربت من النهاية، وأن الأبواب أُغلقت، وتوقف سيل الخيرات، وجفّت الأرض من حولك، وكأن كل ما زرعته ذبل في لحظة صمت طويلة. تمرّ عليك أيام تشبه القحط، لا ترى فيها إلا التعب، ولا تسمع إلا صدى الأسئلة، ولا تجد جوابًا يطمئن قلبك.

وفي خضم هذا التيه، وبين حينٍ وآخر، ومن دون مقدمات أو حسابات، تأتي لحظة خشوع صادقة. لحظة تنكسر فيها كل الحيل، وترتفع فيها اليدان إلى الله، لا بطلبٍ مشروط، بل بنداء صادق يطلب الغيث والنجاة. تلك اليدان المبللتان بدموع الحيرة لا تعرفان ماذا تفعلان، بعد أن ضاقت بك السبل وتاهت بك الطرق، ولم يبقَ إلا الرجاء.

وهنا، ينزل الغيث.
قد لا يكون فورًا كما نتمنى، وقد لا يأتي بالصورة التي نرسمها في أذهاننا، لكنه يأتي في الوقت الذي يعلمه الله، وبالقدر الذي يُحيي ولا يُغرق. مطرٌ يروي الروح قبل الأرض، ويُنعش ما مات في داخلك من مشاعر، ويعيد للأمل نبضه بعد طول غياب.

هكذا هي الحياة؛ تارةً خضراء مفعمة بالعطاء، وتارةً أرضًا يابسة تحتاج إلى صبر وانتظار. وكما هي دورة الحياة، لا بدّ للأرض أن تمرّ بالجفاف لتُدرك قيمة المطر، ولا بدّ للقلوب أن تختبر القحط لتتعلّم التعلّق بالخالق لا بالمخلوق.

ففي كل غيثٍ رسالة، وفي كل تأخير حكمة، وفي كل اختبار دعوة خفية للتسليم. عندها تتجدد الروح، وتتطهر القلوب، وتحيا من جديد… لا بجهدك، بل بأمر الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى