الأصالة لا تزول مهما عصفت الظروف

بقلم د. هاني الفل
الأصيل كالجبل الشامخ، لا تهزه الرياح ولا تنال منه العواصف، يبقى ثابتاً مهما مرّت به الأيام وتقلبت به الأحوال. قد يذوق مرارة الخذلان ويشعر بثقل الجراح، لكن معدنه الصافي يظل مشرقاً، كذهبٍ لا يصدأ مهما اختبرته النار.
فهو ليس مجرد صفة، بل هو مبدأ حياة، يُقاس به الإنسان عند المحن، وتظهر حقيقته عند المواقف الصعبة. قد يتعرض للخيانة أو التجاهل ممن أحسن إليهم، لكنه لا يسمح للخذلان أن يغيّر قلبه أو يطفئ نور أخلاقه. فهو يدرك أن الصبر على البلاء ودوام الوفاء من أعظم القيم التي ترفع قدر الإنسان عند الله والناس.
نصيحة اليوم: أنت تقدم الخير اليوم، وغداً سيعود إليك أضعاف ذلك في وقت تحتاجه، بل وتُسطّر به صحيفة أعمالك. فاجعل شعارك أن تعامل الخير بالخير، والشر بالخير أيضاً؛ لأننا أمة تتبع نبينا محمد ﷺ الذي حثنا على مكارم الأخلاق. فقد روي عنه ﷺ أنه كان يُقابَل بالأذى من قومه في مكة، فيرد بالدعاء لهم بالهداية، ويقابل الإساءة بالصبر والرحمة. وهذا أعظم مثال للأصالة التي لا يغيّرها الموقف ولا يفسدها الغدر.
إن الأصالة هي الامتحان الحقيقي للأخلاق، فمن يملكها لا ينكر معروفاً قُدم له، ولا يتنكر لمن وقف معه في الشدائد. بل يرد الجميل بالجميل ويحفظ الودّ مهما ابتعدت المسافات أو تغيرت الظروف. فالمسلم الحقّ لا يتخلى عن مبادئه ولا عن أخلاقه، لأنها زينة القلب وسبب البركة في الحياة.
يبقى الأصيل أصيلاً، شامخاً كالجبال، ثابتاً كالأرض، نقيّاً كالذهب. وإذا تخلّى البعض عن الأخلاق أو جحدوا المعروف، فإن المؤمن يستحضر قول النبي ﷺ: “من لا يشكر الناس لا يشكر الله”. فالأصالة دين وأمانة، ومن يحافظ عليها يبقى عزيزاً عند الله وعند عباده.



