يا زائر المدينة هاك خارطتها
يا زائر المدينة هاك خارطتها
بقلم / أحمد القاري
تخيل .. لو أن الشوارع في المدينة تنطق، كم قصة ستقول عن القادمين من كل صوب يحملون قلباً واحداً !
المدينة المنوّرة تملك هالة ما تنطفئ، كل زاوية فيها تذكّرك أن القداسة لا في المكان فقط ، وإنما في السكينة التي تسكنك أنت، وأنت تسكنها، لا سيما وأن المدينة رحلة واستراحة الروح ..
نصائح أخوية مني إليك أيها الزائر المحب عند اكتشاف معالم المدينة المنورة :
– ارتدِ ملابس لائقة بقدسيتها، فالمدينة حرم، والمظهر يُحسب.
– احرص على وقت الصلاة، واجعل الجزء الروحي من الزيارة أساساً.
– خذ وقتك، لا تكتفِ بالتقاط صورة فقط.. التاريخ يحتاج تأملك.
– اصطحب ماءً، خاصة في الجبال أو المناطق المفتوحة مثل جبل أحد.
– حاول أن تلتزم باحترام الأماكن: لا صوت مرتفع، لا نفايات في الأرض، لا تدخين مزعج.. إلخ.
وهنا أسرد المواقع – حسب علمي القاصر القابل للخطأ – مبنية على مصادر سياحية وتاريخية موثوقة وتجميعي الميداني المتواضع.
® المعالم الرئيسة ذات القداسة والتاريخ:
1. المسجد النبوي: الروضة الشريفة، زيارة النبي ﷺ للسلام عليه وصاحبيه، المصلى والمآذن والأساطين والتوسعات عبر القرون، هذه قلب المدينة ومركزها الروحي. خصص وقتاً للجلوس في الروضة – إن تيسّر لك – لتهدئة النفس.
2. مقبرة البقيع: مدافن الصحابة وأهل البيت وغيرهم من التابعين والصالحين، مكان للعبرة والتأمل.
. مسجد قباء: أول مسجد بُني في الإسلام؛ زيارته مستحبة وصلاة فيه لها أجر عمرة كما في الأثر.
4. مسجد القبلتين: لبني سلِمة، المكان الذي تغيّرت فيه القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، لحظة تاريخية للاعتبار.
® مواقع معارك وتضاريس تاريخية:
5. جبل أحد: (ميدان معركة أحد) موقع المعركة الشهيرة، وهناك قبر سيد الشهداء، وجبل عينين (الرماة) ومشاهد تاريخية للاستذكار.
6. مكان غزوة الخندق: (الأحزاب) والمصليات التاريخية المجاورة في طرف جبل سلع، وهناك مواضع ومزارع ذكر فيها تخطيط المعركة وخطة سلمان الفارسي رضي الله عنه.
® بعض المساجد التاريخية التي تستحق الوقوف عندها:
8. مسجد الغَماَمة (المشهد) حيث صلّى النبي ﷺ صلاة العيد في بعض الروايات، وهو مكان ذو أثر روحي.
9. مسجد الفتح: من المساجد التاريخية المرتبطة بوقائع الفتوحات والصلوات.
10. المساجد السبعة: مجموعة مساجد صغيرة متقاربة عند الخندق، لها قصة مرتبطة بالمدينة، زرّها إذا أردت تتبع خطوات التاريخ.
. مسجد أبي بكر، ومسجد عمر بن الخطاب، ومسجد علي بن أبي طالب، ومسجد الدرع، ومسجد الراية، ومساجد أثرية أخرى منتشرة داخل المدينة وفي الأحياء القديمة، كلٌ لها قصة مرتبطة بحدث تاريخي.
® الآبار والمصادر المائية والتُّراث الزراعي:
12. بئر غَرس أو غُرس: ارتوى منها النبي ﷺ واستعذب ماءها، لها قيمة تاريخية وروحية.
13. بئر عُثمان: من الآبار التي وردت في السير والتراجم.
14. مزرعة سلمان الفارسي (بئر الفقير) حديقة مرتبطة بسلمان رضي الله عنه، وحدثت فيها معجزة بين النبي صلى الله عليه وسلم واليهودي في قصة عتق سلمان.. ابحث عنها.
® متاحف ومراكز ثقافية وتراثية:
15. متحف المدينة: تعرض تاريخ المدينة، السكة الحجازية، وثقافات الحجاز القديمة. مفيدة للغاية لفهم السياق التاريخي.
16. متحف سكة الحجاز وقطاراتها: للمهتمّين ببقايا السكّة والقطارات العثمانية والحدود الصناعية القديمة.
17. متحف وبستان الصافيّة: الأصالة والتراث مع الحضارة والمعاصرة، متحف يجذبك بتصميمه الخارجي، وما في داخله جمال لا يوصف.
18. سقيفة بني ساعدة التاريخية: حيث تمت مبايعة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي غرب المسجد النبوي.
® نصائح عملية لكل موقع:
– الترتيب الحكيم: ابدأ بالمسجد النبوي ثم قباء وقت الفجر أو الصباح الباكر، ومنها القبلتين، ثم جبل أحد ومر ببئر غرس واشرب منها فبعض الأهالي يسمونها زمزم المدينة، ولا تنس أن تعرج على البساتين النبوية (البلاد) والحدائق. هذا يوفر وقتك ويقلل الزحمة.
– اللباس والآداب: محتشم وهادئ. بعض أماكن الزيارة (مقابر، مساجد صغيرة) تتطلب أدباً خاصاً في التصوير والسلوك.
متى تزور كل مكان: الجبال والآثار في الصباح الباكر أو العصر لتجنّب الحر. المتاحف تعمل ساعات محددة غالباً — تأكد قبل الزيارة إن أمكن عن طريق الخرائط الحية.
وأقول لي ولك همساً: المدينة ليست فقط مبانٍ وحجارة، المدينة هي ذاكرتك التي ستلازمك طيلة حياتك.. المدينة هي حضن الأم الحنون.. المدينة هي البركة التامة.. كيف لا.. وفيها دعوة رسولنا الكريم بمضاعفة البركات، اخفض فيها صوتك (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) امشِ بهدوء، اسأل عن الحكاية في كل بئرٍ وظلٍّ، فستكتشف أن لكل حجرٍ هناك سطراً في قصةٍ أكبر منّا.
قائمة كهذه لا أظُنها “مُنتهية” فهناك دوماً مواقعٍ صغيرة لا يذكرها دليل سياحي باهتمام، لكنّها تحرس ذكرى إنسانٍ أو نداء عهد.
تذكّر: أن من يزور المدينة لا يرجع وحده.. سيصحبه في رحلة العودة الأمان والطمأنينة وحظٌ وافر من البركة.
