العقوم نيام.. من يوقظ العقوم من سباتها؟

أحمد جرادي ـ جازان

في منطقة جيزان توجد أودية عملاقة تتجه من الشرق حيث الجبال العالية متجهةً الى الغرب لتصب في البحر الأحمر بعد أن
يستفيد بعض المزارعين من حصاد جزءٍ منها قد يكون آنيا أو مستقبلا ، آنيا زراعة أرضه واستمرار خضرتها، ومستقبلا تغذية الآبار الارتوازية وغيرها.

إقامة العقوم أو حواجز حصاد المياه هي حياة الأراضي في الجنوب ولكنها نائمة ، منع جريان السيول في الشعاب الخاصة بجريانها حاليا وتحويلها إلى مواقع أخرى يسبّب طمس معالم تلك المجاري عن الجيل الذي يعرفها ثم نسيانها مستقبلا.. الذي قد يؤدي عدم الاعتراف بها من قِبل الجيل اللاحق وهذه الخطوة كارثة مع الزمن في حالة انتهاء العمر الافتراضي لتلك الحواجز الخرسانية أو لا قدر الله حدوث كوارث طبيعية من زلازل وخلافه.
من الأولى عدم طمس هوية المجاري مهما كان صغرها.
قد يشجع تعديل المجاري كثير من الناس وخاصة الحضريين البعيدين جدا عن الزراعة لانهم قد يرون ري الأراضي المجاورة للعمران قد تعرقل الحركة العمرانية وتناسوا أن منطقة جيزان منطقة زراعية…

أسئلة كثيرة تدور في أذهان بعض الناس عن العقوم وما الدور الذي تقوم به تلك العقوم ، نوردها لكم على شكل سؤال وجواب يجيب عليها المزارع حسن حبيبي.

نسمع عن العقوم أو السدود الترابية ماهي هذه العقوم؟
العٓقم هو عبارة عن سدة ترابية تُبنى أو تُقام في مجرى السيول ( الوادي) وتُستخدم تربة الموقع لبنائها

هل هذه العقوم تسد مجرى الوادي كاملا؟
تختلف العقوم من موقع لآخر منها مايسد المجرى كاملا ومنها يكتفى بسد جزء من المجرى حسب طبيعة وجغرافية موقع إقامة العقم.

ما فائدة العقوم التي يعمد المزارعون في منطقة جيزان لاقامتها ؟
دور العقوم تحويل جزء من السيل أثناء جريانه إلى الأراضي الزراعية لريها.
حيث تمثل مانسبته 85٪ من إنتاج منطقة جيزان ناتج عن ري الأراضي الزراعية بالعقوم والباقي من مزارع تروى بأمطار فقط أو آبار ارتوازية

كيف تأسست الأراضي الزراعية بمنطقة جيزان ؟
كما تعلم بأن منطقة جيزان تختلف عن جميع مناطق المملكة في طبوغرافية الأرض قد تشبهها بعض المواقع في تهامة عسير ومكة المكرمة، ففي تهامة منطقة جيزان بالذات أراضي طينية خلقها الله يوم خلق السموات والأرض وزادت خصوبة عبر السنين عندما تمر عليها السيول الساقطة من أعالي الجبال حاملة معها ماهو ميت على وجه الارض..

هل بالإمكان أن توضح أكثر؟
ابشر عندما تهطل الأمطار على الجبال تنزل تلك الأمطار على شكل سيول عبر الشعاب ثم عبر الأودية التي تكونت بقدرة الله ثم تدفق السيول عبر السنين تلك السيول النازلة من أعالي الجبال الواقعة شرق المنطقة تأخذ معها فتات الصخور المختلفة ومكونات الأرض والمخلوقات الميتة وغيرها إلى تلك المواقع المقعرة ومع الزمن تكونت أراضي صالحة للزراعة فخططوها الأجداد وهيأوها للزراعة بقدرة الله وتوفيقه واصبح إنتاجها من المحاصيل مصدر امان غذائي للقاطنين فيها..

 متى تقام العقوم؟
تقام العقوم قبل موسم الزراعة بوقت كافٍ أو أثناء ظهور بوادر حالات مطرية

كيف كنتم تعرفون بوادر الحالة المطرية قبل ظهور أجهزة الأرصاد؟
الحمد لله كنا نعرف قدوم المعينة بقدرة الله اولا ثم بحالات متعددة:
أولها: حركة الرياح والسحب معها في أعالي السماء
ثانيا: عدم نزول الندى في فصلي الشتاء والربيع
ثالثا :ظهور النمل ذات الأجنحة فجرا وحركته الهستيرية
رابعا: لون وشكل السحاب بعد مرور ثلث ساعات اليوم
خامسا: عند شروق الشمس أو غروبها
سادسا: ظهور هالة حول القمر
سابعا: صفاء السماء من السحاب في فصلي الصيف والخريف أو تواجده في فصلي الشتاء والربيع… الخ

نعود لموضوع العقوم

مالذي يميز العقوم الترابية عن الحواجز الخرسانية؟

الحواجز أو العقوم الترابية سهل هدمها في حالة اكتفاء المزارعين من ري أراضيهم

ما الذي يضمن عدم تدفق السيول بعد اكتفاء المزارعين من الري؟
لكل عقم مسود قبل انتهاء المسود توجد هناك في بعض العقوم فتحة طوارئ يوجه الماء إليها وينتهي الأمر

ماهو المسود؟
المسود هو المساحة المقننة لري هذا العقم.. لأن في حالة خروج الماء عن المسود يسبب اضرارًا على الأراضي الزراعية المعتمدة في المسود.
وعلى فكرة يُحدّد المسود حسب تقارب ارتفاع الأراضي الزراعية بعضها من بعض انخفاضها عن سطح البحر..
توجد داخل ذلك المسود هندسة فطرية هندسوها اناس لم يدرسوا ا الهندسة المستوية ولا الهندسة الفراغية ولا حساب مثلثات..

مالذي يضمن عدم تدفق السيول إلى الأراضي الزراعية بعد انتهاء المسود؟
هذا أهم سؤال والإجابة عليه كما يلي:
أولا بعض العقوم مجراها أعلى من مجرى الوادي، وهذا النوع من العقوم لا إشكالية فيه، بتوفيق الله أولا ثم خبرة المزارعين يُحدد الزمن الذي يُهدم فيه العقم وذلك حسب قوة السيل وكمية تواجده في الأراضي الواقعة في الربع الثالث من المسود قبل نهاية السقيا أو المسود
ثانيا هناك عقوم مجراها مساوٍ أو اقل (أنزل) من مجرى الوادي وهذا خطير نوعا ما
هذا النوع من العقوم يُعمل له فنيات بحيث يكون لا يواجه مجرى العقم مجرى الوادي وإنما يعمل له شبيه اليوترن في تنظيم المرور، حتى لا يتدفق كامل السيل لمجرى ذلك العقم الهابط مجراه
ثالثا هناك عقوم قد يكون مجراها أعلى من مجرى الوادي لكن تدخل عليهم سيول من خارج الوادي تأتي من حبايط اوخباط او حرات مجاورة لاراضي ذلك العقم، ولا توجد فتحات أو مخارج للطوارئ حتى يعاد ويوجه السيل للوادي
وهذه الحالة تحصل عندما تكون الأراضي بعيدة عن مجرى الوادي وكذلك عن العقم

هل هناك فوائد للسيول غير انها تروي الأراضي الزراعية؟
يكفي أن الله تعالى قال ( وجعلنا من الماء كل شيٍئ حي)، وكما هو معلوم إذا رزقك الله بنعمة فلا تعبث بها ووجب علينا ادخارها لوقت آخر.. بفضل الله الماء الزائد ينزل إلى الأرض ليستفيد منه صاحب البئر العادية والانبوبية وغيرهم
واعلم يا أخي ان الانتفاع بالسيول في الأراضي المحروثة هو أصل حصاد المياه المخفية أو مايسمى بالمخزن الجوفي لكن في منطقة جيزان اقدر اسمية الخزن الاستراتيجي السطحي لان الآبار التي نضب ماؤها تعود بفضل الله بعد موسم الأمطار والسيول وذلك في غضون أقل من 3-20 يوم والله اعلم

أعرف زمان إذا قدم السيل بجوار المساكن يزغردن النساء وتقام العرضات والفنون الشعبية قبل إقامة العقم المراد وبعد السقيا تقام الاحتفالات وقد تستمر ليالي السمر والسوالف أسابيع فهل لا زالت تلك الفرحة؟
الجواب
نعم نعم كانت تقام الأفراح عند إقامة العقوم وعند السقيا وتجلب أنواع الأطعمة من البيوت وتُذبح الذبائح .. واليوم لا زالت الفرحة لكن بدون إقامة فنون شعبية على العقم المراد إقامته ، قديما تقام الفنون الشعبية تشيعا للعاملين على إقامة العقم المراد وبحضور الشيخ والمقصّر يسجن حتى يقوم بواجبه.. واليوم لتوفر معدات الزبر انتهى لكن لقينا عكس ذلك الزمان نعاني وللأسف من بعض بني جلدتنا الذين وجدوا أنفسهم يحاربون فكرة إقامة العقوم وهم لا يدركون ما يفعلون

مساكين هم أمام الله قلت لك لا يدركون ما يفعلون ولا يعون أنهم يتسببون في كارثة بيئية غذائية واقتصادية محلية..
أولهم بعض المسؤلين كل واحد منهم يريد الآخر هو الذي يتحمل المسؤلية ، والغريب انهم لا يثقون بآراء المزارعين ولا أنهم تركوهم يتحملون المسؤولية.
ثانيا بعض أصحاب العقارات، وسالكي الطرق الزراعية لهم صوت مسموع في عدم إقامة العقوم
ثالثا بعض الاعلاميين الذين ينقلون عن الغاضبين عن الزراعة والمزارعين
رابعا هواة التصوير الذين ينقلون مايشاهدون ولا يتميزون مايباح نقله ومالا يباخ ، وغيرهم كثير من ياكل تعب المزارع ولا يقدره
العقوم سبب دخل بيوت كم شخص بنى بيته من الزراعة وكم شخص تزوج من الزراعة
وكم شخص عاش من دخل الزراعة حتى مات، وكم عجوز تحصل على دخل إضافي من الزراعة..
اخي القارئ هل وجدت الفرق بين العقوم في الجنوب الغربي من وطننا الغالي والعقوم في بقية المناطق ؟

عن شعبان توكل

شاهد أيضاً

المصورة السعودية أمل الأمير تفوز بلقب “محفظة التصوير الفضية” من الجمعية الأمريكية للتصوير SPSA

حوار/ أمينة فلاتة بعد أن حصلت على لقب المشروع البرونزي ويرمز له BPSA بتقديمها مجموعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.