الصدى الأدبي

وكأنك الوطن…

✍ابراهيم النعمي

بعض الأماكن لا تفتح أبوابها إلا لك.
لا تستقبل ضوء الصباح، ولا تهتزّ لأقدام العابرين،
كأنها خُلقت لتراك، لتسمع خطواتك، لتتنفّس من وجودك.
فحين تغيب… تبقى كما هي: باردة، خالية، موحشة،
تنتظر.

أتعلمين؟
لا أحد يشبهكِ.
ولا شيء يملأ فراغكِ، مهما بدا بديلًا أو جميلاً.
كل ما حولي صار رماديًا مذ قررتِ الرحيل،
وكأنكِ كنتِ اللون في كل شيء.
وما بعدكِ؟
لا شيء يُدهشني، لا شيء يُشبهني،
ولا أنا أُشبه نفسي.

ثم ماذا؟
ثم امتلأتُ بكل شيء إلا بكِ،
وغصّت الذاكرة باللحظات القديمة،
تلك التي كنّا نسرقها من الوقت، ونخبئها في أعيننا،
نخبئها من النسيان، لكننا لم نستطع أن نخبئها من الغياب.

وإني لأنظرُ في الوجود بأسرهِ،
أقلّب الوجوه، أستجدي الحضور،
فلا أرى أحدًا… إلاكِ.
وجهكِ وحده لا يزال يمرّ في الزوايا،
في الأغاني، في رائحة القهوة،
في كل تفصيلة صغيرة…
كأنكِ الوطن،
وما عداهُ غربة لا تُطاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى