مقالات و رأي

تقييم المخاطر السيبرانية… خط الدفاع الأول لحماية المؤسسات

بقلم: المهندس محمد هاشم البدرشيني
متخصص في الأمن السيبراني

في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي تشهده المؤسسات الحكومية والخاصة، تتزايد الهجمات السيبرانية بشكل غير مسبوق، مما يجعل تقييم المخاطر وتحليلها خطوة أساسية لضمان حماية فعّالة للأصول الرقمية. فالأمن السيبراني لم يعد مجرد حلول تقنية، بل أصبح منهجية عمل تُبنى عليها استدامة الأعمال وثقة العملاء.

تحديد الأصول… نقطة البداية

تبدأ عملية التقييم بتحديد الأصول الحيوية داخل المؤسسة، مثل البيانات الحساسة، الأنظمة التشغيلية، الأجهزة، وحسابات المستخدمين. ويتم تصنيف هذه الأصول وفقًا لأهميتها وتأثير فقدانها أو اختراقها على سير العمليات.

التهديدات الرقمية… واقع لا يمكن تجاهله

تواجه المؤسسات اليوم مجموعة واسعة من التهديدات، أبرزها:
• برمجيات الفدية التي تستهدف تعطيل الأنظمة وابتزاز الضحايا.
• التصيد الإلكتروني الذي يستهدف استغلال الثقة وخداع الموظفين.
• الثغرات التقنية التي تؤدي لاختراق الشبكات وسرقة البيانات.
• التهديدات الداخلية، سواء كانت بدافع سوء الاستخدام أو الإهمال.

هذه التهديدات تجعل جاهزية المؤسسة عنصرًا مصيريًا في مواجهة المخاطر.

تحليل نقاط الضعف… اكتشاف ما لا يُرى

يُعد فحص الأنظمة وتقييم نقاط الضعف (Vulnerability Assessment) خطوة محورية، حيث يتم خلالها:
• مراجعة سياسات الأمن.
• فحص الصلاحيات.
• إجراء اختبارات الاختراق لمعرفة مدى صمود الأنظمة أمام الهجمات.

هذه العملية تكشف الثغرات غير المرئية وتساعد في سدها قبل استغلالها.

حساب المخاطر… اتخاذ القرار الصحيح

تعتمد المؤسسات على معادلة أساسية لحساب المخاطر:
المخاطر = احتمالية حدوث التهديد × حجم التأثير

يساعد هذا التقييم في ترتيب الأولويات وتوجيه الجهود نحو معالجة المخاطر الأكثر خطورة، بما يضمن كفاءة الإنفاق وجودة الحماية.

خطة المعالجة… من النظرية إلى التنفيذ

تتضمن معالجة المخاطر أربعة خيارات رئيسية:
1. التخفيف عبر تعزيز الضوابط الأمنية.
2. التحويل من خلال التأمين السيبراني أو الأطراف الثالثة.
3. القبول عند انخفاض مستوى التأثير.
4. الإلغاء بإيقاف الأنشطة ذات المخاطر العالية.

اختيار الإجراء المناسب يجعل المؤسسة أكثر جاهزية ومرونة في مواجهة التهديدات.

الوعي البشري… الحصن الذي لا يُخترق

على الرغم من التطور التقني، يبقى الإنسان الحلقة الأضعف أو الأقوى في منظومة الأمن السيبراني. لذلك يجب:
• تدريب الموظفين.
• محاكاة هجمات التصيد.
• غرس ثقافة الإبلاغ المبكر عن الحوادث.

الوعي المستمر يحوّل الموظف من نقطة ضعف إلى خط دفاع أول.

مراجعة دورية… لأن المخاطر لا تتوقف

تغيّر التهديدات السيبرانية يستدعي تحديث سجل المخاطر بشكل مستمر، وإعادة تقييم الإجراءات الأمنية بما يتوافق مع المعايير العالمية كالـ ISO 27005 و NIST.

خلاصة

إن تقييم وتحليل المخاطر السيبرانية ليس ترفًا، بل ضرورة استراتيجية لحماية المؤسسات من الهجمات الرقمية. وعندما تتبنى المؤسسة نهجًا استباقيًا مبنيًا على تحليل واقعي ووعي بشري قوي، تصبح قادرة على حماية أصولها وسمعتها وضمان استمرارية أعمالها في عالم يتغير كل يوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى