مقالات و رأي

رجال الأمن وإدارة الحشود في الحرمين

رجال الأمن وإدارة الحشود في الحرمين

بقلم : أحمد القاري

تُعدّ إدارة الحشود في الحرمين الشريفين من أعظم صور التنظيم البشري في العالم المعاصر، بل هي نموذج فريد تتجلى فيه حكمة القيادة السعودية، وكفاءة رجال الأمن، وروح العقيدة التي بُني عليها هذا الوطن المبارك. فالملايين من الحجاج والمعتمرين والزوار يتوافدون إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة من كل فجٍّ عميق، يحملون شوق الروح ودموع التوبة، فيجدون في أرض المملكة منظومة أمنية وإنسانية متكاملة تُعنى بهم، وتحفظ أمنهم وسلامتهم، وتنظم سيرهم وحركتهم بكل دقة وإتقان.

رجال الأمن السعودي حماة النظام، وهم أبناء عقيدة راسخة، تربّوا على التوحيد الخالص، وتلقّوا علوم الدين الصحيح منذ نعومة أظفارهم، ثم انضموا إلى ميادين التدريب العسكري التي لا تقتصر على المهارة الأمنية فحسب، بل تتضمن دورات علمية مكثفة في فقه التعامل مع الحجاج والزوار وضيوف الرحمن. فهم يجمعون بين العلم والدين، وبين الصرامة في الموقف واللين في المعاملة، وبين الهيبة والرحمة في آنٍ واحد.

إن من يشاهد الانسيابية المذهلة في الطواف والسعي، أو في رمي الجمرات، أو أثناء دخول الحجاج وخروجهم من الحرمين الشريفين، يدرك تماماً حجم الجهد الجبّار الذي يبذله رجال الأمن. فهم يعملون بصمت وإخلاص، يقرؤون الموقف قبل أن يتشكل الخطر، ويتعاملون مع الاحتمالات قبل أن تتحول إلى حوادث. وبفضلهم – بعد توفيق الله – أُجهضت الكثير من الكوارث قبل أن تقع، وتم حفظ الأرواح وحماية المقدسات من كل سوء، وليس عملهم مقتصراً على التنظيم والمنع، بل هو ممتد إلى البذل والخدمة والرعاية. فهم لا يترددون في مساعدة الكبير، أو إرشاد الضائع، أو إسعاف المريض، أو تيسير الطريق لمن ضاقت به السبل. كم من موقف إنساني شهدناه منهم يترجم خُلق الإسلام قبل أن تنطقه الألسن.
وأذكر شخصياً موقفاً لا يُنسى حين تعطلت سيارتي أثناء سفري مع أسرتي، فوجدت رجال الأمن بجانبي يقدمون العون والمساعدة دون تردد. وموقفاً آخر حين كنت في مدينة جدة، وقد داهمت زوجتي آلام الولادة ولم أعرف موقع المستشفى.. فتوجهت إلى دورية أمن قريبة، فأشار إليّ أحد رجالها أن “اتبعني”، ثم قادني بنفسه متجاوزاً الإشارات، مضيئاً الأنوار التحذيرية، حتى أوصلني إلى باب المستشفى وبقي حتى تأكد من دخولها وسلامتها.
أي أخلاقٍ أرفع من هذه؟

وأي إنسانية أصفى من هذا النبل؟

ومع كل هذا البذل والعطاء، يظهر أحياناً من يسعى لتشويه الصورة الناصعة، عبر مقاطع مصطنعة ومواقف مفبركة، يحاول من خلالها بعض المغرضين استفزاز رجال الأمن لتصوير ردود أفعالهم وخدمة أجندات خارجية خبيثة. لكن الحقيقة تظل ساطعة كالشمس: أن رجال الأمن السعودي هم خيرة جند الله في الأرض، عقيدةً وخلقاً وولاءً، يعملون بصمت ويضحّون بوقت راحتهم ليهنأ ضيوف الرحمن بالأمن والسكينة.
إن رجال الأمن في الحرمين الشريفين هم تاج الفخر للوطن والمواطن، وهم الصورة الصادقة لتربية هذا البلد المبارك، القائم على التوحيد والعدل وخدمة الإنسان. فمن حقهم علينا أن نرفع القبعة إجلالاً، ونرفع الأكف دعاءً:
اللهم احفظهم وسدد رميهم، ووفقهم لما تحب وترضى، واجعلهم دوماً ذخراً للإسلام والمسلمين.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى