منوعات

قرية مريم

الكاتبة -نوال بنت عمر العمودي

في قرية صغيرة محاطة بالجبال الشاهقة، كانت هناك طريق ممتد، بعضها معبد وبعضها وعر. كان يوم عرس مريم، عمّت أجواء الفرح والاحتفال في أرجاء القرية. ترحيب حار من أهل القرية الذين استقبلوا الضيوف القادمين من المدينة بابتسامات دافئة.

في صباح ذلك اليوم، كانت الأجواء تعج بالحركة. الشيخ الحكيم للقرية كان يتحدث مع النساء حول تجهيزات الطعام، بينما كانت الخالة أم قاسم تجلس بجوار باب صغير تحكي قصص الماضي للأطفال الذين يلعبون حفاة وهم سعداء بحكايات الخالة أم قاسم.

وفي غرفة أخرى مجاورة كانت العروس مريم، تتجهز لارتداء فستانها الجميل، وكان بأرضية الغرفة امرأة حامل تعمل على طحن الحبوب لإعداد الأطعمة التقليدية. وزوجها العم علي بالخارج مع الدواب حيث كان يستظل بشجرة كبيرة توفر الظل له.

مع حلول المساء، بدأ الليل يزحف ببطء، وبدأ الضيوف بالاستقرار في الغرفة. كانت هناك أصوات نقيق الضفادع تعلو من مستنقعات الطين القريبة، مما أضفى جوًا ساحرًا في تلك اللحظات، حيث كان الكثيرون يرتاحون في سرر من الحبال تسمى “القعد”، بينما استمر آخرون في السهر والاحتفال بزواج مريم.

عندما جاء وقت النوم، كان الجميع يشعرون بالامتنان لكرم أهل القرية. قال الضيوف، وقد لمسوا روح الضيافة والترحيب التي لا تُنسى في تلك القرية الصغيرة.

في صباح جميل من أيام الصيف، استيقظت على رائحة شهية تتسلل من مطبخ خالتي أم قاسم. كانت تعد الأكل الشعبي المعروف، والمرسة الحازانية التي تُعد من أطيب الأطباق، محضرة بالسمن البلدي الأصلي. كان الجو مليئًا بالسعادة وصوت الديك الذي يوقظ الجميع، وأصوات الدواب في الخارج، بينما كانت نسمات الهواء الباردة تلامس وجهي.

نهضت من القعادة، حيث كنت أستمتع بلحظات الصباح، وقررت أن أزور صديقتي مريم لأطمئن عليها بعد زفافها. مشيت بخطى سريعة نحو بيتها، وكان قلبي مليئًا بالفرح لرؤيتها. عندما وصلت، وجدت مريم في حقلها، تحلب البقرة، تضحك وتتعامل معها برفق.

كان المشهد مليئًا بالحياة، حيث كانت مريم تتحدث مع البقرة وكأنها صديقة قديمة. جلست بجانبها وبدأنا نتحدث عن العرس وما حدث فيه من لحظات جميلة، ضحكات، ورقصات. كان يومًا مليئًا بالذكريات، حيث استمتعنا بالحديث وتناول الطعام الشعبي اللذيذ الذي أعدته الخالة أم قاسم.

هذه اللحظات كانت تجسيدًا للبساطة والسعادة في حياة القرى حيث كانت الروابط بين الأصدقاء والعائلة أقوى من أي شيء آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى