مقالات و رأي

رفقاء السوء وناكرو المعروف

بقلم : د. فهد الأحمدي

في الحياة لا يختبر الإنسان معدن الناس في لحظات الفرح بقدر ما يختبره عند الحاجة والضيق . هناك أشخاص يمرّون في حياتنا كنسمة طيبة يتركون أثراً طيباً وذكريات تحفظها القلوب .

وفي المقابل هناك من يدخلون بوجه المودة ثم تظهر حقيقتهم مع أول خلاف أو أول موقف يحتاج منهم إلى وفاء هؤلاء هم رفقاء السوء وناكرو المعروف.

رفيق السوء ليس بالضرورة من يدفع الإنسان إلى خطيئة كبرى أحياناً يكفي أن يكون صاحب كلمة مثبطة أو سلوك يُضعف عزيمتك أو بيئة تُطفئ شغفك أو روحاً لا ترى الخير إلا إذا كان لها منه نصيب .

وجود هذا النوع حول الإنسان يسرق منه طاقته ويفسد عليه صفاء قلبه ويجعله يشك في نفسه أكثر مما يشك في الآخرين .

رفيق السوء لا يزيدك إلا تعباً ولا يحمل همّك ولا يفرح لنجاحك بل قد يكون أول من يخذل وأول من يجرح وأول من يغادر .

أما ناكرو المعروف فهم أولئك الذين تُعطيهم من وقتك واهتمامك وصدقك وربما تفتح لهم أبواباً لم يكونوا يتوقعون الوصول إليها ثم حين يشتدّ ظهرهم أو تتحسن ظروفهم يتجاهلون كل ذلك .

ينسون أو يتناسون أنك كنت سنداً في يوم ما .

الذي ينكر المعروف في الأصل لا ينكر جميلك وحدك بل ينكر قيمة نفسه قبل أي شيء ؛ لأن الأصيل لا ينسى من وقف معه حتى لو كان ما قدمه بسيطاً.

الأصالة لا تُشترى والوفاء لا يُدرّس والنبل لا يتصنع. هذه صفات تُربّى من القلب.

هؤلاء لا يُعاتَبون طويلاً ، لأن كثرة العتاب لا تُعيد خلق القيم داخل النفوس .
الخذلان الذي يأتي من قريب يؤلم لكنه يعلّم ، يعلّمك أن تحسن الاختيار وأن لا تجعل قلبك مفتوحاً لكل داخل وأن تزن العلاقات بميزان الفعل لا الكلام .

المهم أن يخرج الإنسان من التجربة أكثر نضجاً لا أكثر قسوة .
أرقى انتقام من رفيق السوء وناكر المعروف هو أن تستمر في الخير من دون أن تغيّر أخلاقك . لا تسمح لتجربة سيئة أن تفسدك ولا تجعل خيبة واحدة ترمي بظلالها على حياتك كلها .

الناس أنواع:
منهم من يأتي ليبقى
ومنهم من يأتي ليعبر
ومنهم من يأتي ليعلّمك معنى الاختيار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى