ليلة الوفاء ومجد يعلو بأجنحة الخطوط السعودية .. تكريم يصنع الولاء

البروفيسور فيصل عبدالقادر بغدادي
أستاذ جامعي سابق.. مستشار التخطيط والقيادة ..
حضرت بالصدفة وحدها ليلة من ليالي الوفاء حيث أقامت الخطوط السعودية حفلاً لتكريم نخبة من طياريها ومنسوبيها، أولئك الذين حملوا راية الوطن في السماء، وصاغوا بجهودهم صورة المملكة وهي تُحلق بثقة نحو المستقبل. وما أعجبني وشدني للحفل أنه لم يكن امجرد مناسبة بروتوكولية، بل كان في رأي رسالة عميقة تُقرأ بين السطور، مفادها أن العطاء لا يضيع، وأن الوفاء هو اللغة التي تتحدث بها المؤسسات العريقة حين تريد بناء مستقبل أكثر قوة ورسوخاً وثباتاً.
يأتي تكريم الخطوط السعودية لطياريها ومنسوبيها بوصفه خطوة تتجاوز حدود الإحتفاء، لتكون ركناً متأصلاً في منظومة التخطيط الاستراتيجي حيث يُصاغ الولاء المؤسسي كقيمة مضافة وحية ليُستثمر التكريم ليكون أداة لصناعة الإنتماء وتعزيز الثقة فيكرم المنسوب ليزداد عطاؤه رسوخاً وامتداداً.
والحقيقة يأتي هذا التكريم في وقت تتسارع فيه خطوات التحول الوطني حيث أصبحت إدارة الموارد البشرية جزءاً من معادلة التميز الاستراتيجي وركناً أساسياً في المنافسة العالمية. فالخطوط السعودية بما تمثله من ناقل ورمز وطني وتاريخ يمتد لعقود، تُدرك أن صناعة النجاح تبدأ من الإنسان الذي تنتمي هويته للمؤسسة الجوية مثل الطيار الذي يحمل أمانة الأرواح فوق هام السحب و الموظف الذي يُتمّم الصورة الذهنية للخدمات المقدمة ويحفظ إيقاعها خلف الكواليس فهؤلاء هم الثروة الحقيقية التي لا تُقاس بالأرقام، بل تُقاس بما يزرعونه من ثقة ويصنعونه من أثر.
ولذلك جاء هذا الحفل ليؤكد أن التكريم ليس ترفاً إدارياً، بل هدف إستراتيجي يرتبط مباشرة بمعيار الولاء المؤسسي Loyalty. فالمؤسسات التي تُكرم منسوبيها لا تُجامِلهم، بل تستثمر في رأس مالها البشري وتمنحهم ما يستحقونه من شكر وتقديرليؤثر ذلك إيجاباً ويعود ذلك رفعةً في الأداء واستقراراً في بيئة العمل المؤسسي وإبداعاً في كل المهام المنفذة..
كما برز في هذه المناسبة البعد الإنساني الذي تحرص عليه الخطوط السعودية، حيث تم تسليط الضوء على قصص نجاح ملهمة وحكايات تعب وسهر وحرص نسجها أفراد جعلوا من التميز أسلوب حياة. . كانت المنصة تتلألأ بأسماء قدمت للوطن أمانة وإخلاصاً، فبادلتهم المؤسسة تقديراً يليق بما بذلوه في سنوات من التفاني والجهد العمل والانضباط.
وليس من المبالغة القول إن الإستمرار لمثل هذا التكريم مستقبلاً يعطي مؤشراً قوياً دليلاً واضحاً على أن المؤسسة التي تنهج هذا النهج سوف تسير في الإتجاه الصحيح وأنها تعيد تشكيل هويتها المؤسسية بما ينسجم مع تطلعات رؤية المملكة 2030، التي تضع الإنسان في مركز أي عملية تطويرية
وعموماً حين تُكرّم المؤسسات أبناءها ورجالاتها ومنسوبيها فإنها بالتاكيد تُرسل رسالة للعالم بأن التميز لا يأتي صدفة بل يأتي نتيجة جهد ومنظومة قيم تبدأ بالإعتراف بالفضل وتستمر ولا تنتهي عند حدود الاحتفاء فقط.



