مقالات و رأي

قراءة نابضة في قصيدة: “الحب الجديد” لشاعر الأمة محمد ثابت

بقلم الكاتبة التونسية / عيادة جابر

عروضيا كتبت هذه القصيدة في البحر الوافر التام هذا البحر الناعم الدافئ ايقاعا ومرونة تعبيرية عن المشاعر والوجدان.

ومجازيا كتبت في بحر الحب الزاخر بالعواطف الجياشة المتلاطمة كأمواج البحر في ذات الانسان خاصة الذات الشفافة العاشقة. وفي تقديرنا هذه القصيدة تقوم على الشكوى والشك والاعتراف في لغة بسيطة معجما عميقة معنى ومقصدا مستفيدة من الخصائص الجمالية للبحر الوافر.

فقراءة نابضة بالحب تجعلك تدرك بيسر حسا مرهفا لشاعر متمرس قادر على سبر أغوار الذات المتخفية تحت غلالة من شجون.

فالشاعر المتيم في هذه القصيدة لئن كشف عن نفس شفافة تنبض حبا وهوى ونقاء وطهرا وصدقا تجاه الحبيبة الا انه في المقابل بدا مشككا في مشاعرها تجاهه اذ وسمها بالكاذبة والمراوغة وهو وصف قاس من قلب رؤوف ونفس رؤوم لكنه يترجم حتما عن وجع يصيب الفؤاد حين لا يشعر بالتجاوب مع من يحب. لذا قامت القصيدة على الشكوى حين قال “ضاق صدري” وقوله “كنت قبل حبك لا اعاني” والشك في صدق الحبيبة حين قال “تراوغني وتكذب او تزيد”.

وبما أن قلب المحب مهما قسا على من يحب فهو يلتمس له الاعذار لذا نرى ان الشاعر رغم الوجع والألم والضيق يغوص في بحر العيون بحثا عن سر حبيبته المكنون كملاح ماهر يتقن فن الغوص في الأعماق أو كعراف خبير بسحر العيون وما يمكن ان تنطق به عن صاحبها وتكشفه من مشاعر مهما رام درأها وأن تفصح عن خباياها العميقة فيدرك حينها الحبيب المعذب دون كبير عناء ما تخفيه حبيبته من انكسار وربما تمزق بين موجود متدهور ومنشود أصيل.

فيدعوها باسم نبض الحب الى نبذ الماضي بكل أسراره وأحزانه واحتضان حب جديد استقاه من أنفاس روحها فغمر روحه فامتلأت ضياء سرمديا وعطرا فياضا لا يدركه الا من كان ذا شان عظيم محبا للحياة يعرف كيف يمسك اللحظة النابضة بالصدق والنعيم.

اذن فهذا الشاعر المحب الذي بدا القصيدة بنوع من القسوة والشك والشكوى نراه في نهايتها أكثر لينا وايمانا بما للحب الملغز من اعجاز وقدرة على تغيير الأحوال والطباع والسير قدما وفي ثبات نحو حب جديد.

انها قصيدة تنبض املا “تحيي النفس وتزيد في القلب” وتملؤه نغما جميلا وموسيقى رقيقة رقة البحر الوافر الذي كتبت فيه فيصير الفؤاد فتيا على الدوام.

وهذه من العلامات المميزة في شعر شاعر الامة محمد ثابت الذي يحاول باستمرار ان يزرع الخير والحب والأمل كيفما كتب واينما حل.

بقلم الكاتبة التونسية عيادة جابر

الْحُبُّ الْجَدِيْدُ / قصيدة لشاعر الأمة محمد ثابت

تُرَاوِغُني وتَكْذِبُ أو تَزِيْدُ

وقَلْبِي قَدْ يُصَدِّقُ أوْ يُرِيْدُ

عَلَى عَتَبَاتِ بَابِكِ ضَاقَ صَدْرِي

وذَابَ الصَّخْرُ وانْصَهَرَ الْحَدِيْدُ

وكُنْتُ قُبَيْلَ حُبِّكِ لَا أُعَانِي

أنَا الأنْقَى بِطُهْرِي والشَّهِيْدُ

وألْمَحُ بَيْنَ عَيْنَيْكِ انْكِسَارًا

وفِيهَا الْهَمُّ والْحُزْنُ الْتَّلِيْدُ

فَهَلْ صَفَّيْتِ مَا كَانَ وكُنّا

فَيَبْقَى النَّوْرُ والْحُبُّ الْجَدِيْدُ

عَظِيْمُ الشّأْنِ يحْيَى فِي ثَبَاتٍ

ويَنْعَمُ بِالْحَيَاةِ ويَسْتَفِيدُ

فَلَبِّي دَعْوَّةَ الدَّاعِي بِصِدْقٍ

فمِنْ أنْفَاسِ رُوحِكِ يَسْتَزِيْدُ

يَفِيضُ عَلَيْكِ مِثْلَ الْغَيْثِ عِطْرًا

وفِي عَيْنَيْكِ يَنْطَلِقُ الْقَصِيْدُ

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى