تقرير

ما بعد انتهاء التعاقد: اختبار أخلاق الإدارة

إعداد : منال سالم

تُعد مرحلة انتهاء الفترة التعاقدية مع الموظف من المراحل الحساسة في العلاقة الوظيفية، إذ تعكس مستوى احترافية الإدارة ونضجها المؤسسي. فالتعامل الصحيح في هذه المرحلة لا يقتصر على إنهاء علاقة عمل، بل يؤثر بشكل مباشر على سمعة المنشأة، وولاء الموظفين الحاليين، وحتى جاذبية الشركة للكفاءات مستقبلًا.
أولًا: احترام العقد والأنظمة
أهم مبدأ يجب أن تلتزم به الإدارة هو الاحترام الكامل لبنود العقد المبرم والالتزام بأنظمة العمل المعمول بها. فلا يجوز اتخاذ قرارات تعسفية أو مفاجئة دون الرجوع إلى ما تم الاتفاق عليه مسبقًا، سواء فيما يخص مدة الإشعار، أو المستحقات المالية، أو طبيعة إنهاء العلاقة (تجديد – عدم تجديد – إنهاء).
ثانيًا: الوضوح والشفافية في القرار
ينبغي على الإدارة أن تكون واضحة وصريحة مع الموظف بشأن قرارها، سواء كان عدم التجديد أو الرغبة في إنهاء التعاقد. فالتواصل المبكر والشفاف يخفف من التوتر، ويمنح الموظف مساحة نفسية ومهنية للاستعداد للمرحلة القادمة، بدل تركه في حالة ترقب أو غموض.
ثالثًا: التقدير المهني للجهود المبذولة
حتى في حال عدم الرغبة بتجديد العقد، فإن تقدير الجهود التي قدمها الموظف يُعد من أساسيات الإدارة الراقية. كلمة شكر، خطاب تقدير، أو حتى تقييم عادل للفترة السابقة، كلها أمور تترك أثرًا إيجابيًا وتُظهر إنسانية المؤسسة واحترامها لرأس المال البشري.
رابعًا: تسليم المستحقات دون تأخير
من أكثر الأخطاء الإدارية شيوعًا تأخير صرف المستحقات المالية أو ربطها بإجراءات غير مبررة. الإدارة المحترفة تحرص على تسليم جميع الحقوق في وقتها، بما يشمل الرواتب، مكافأة نهاية الخدمة، الإجازات المتبقية، وأي التزامات أخرى، حفاظًا على الثقة والمصداقية.
خامسًا: إنهاء العلاقة بأسلوب حضاري
إنهاء العلاقة الوظيفية لا يعني قطع الجسور. فالإدارة الذكية تحرص على أن يكون الخروج حضاريًا ولبقًا، دون إساءة أو تصعيد أو تشهير، بل بترك باب الاحترام مفتوحًا، فقد يعود الموظف مستقبلًا بشكل آخر أو يوصي بالمنشأة لغيره.
سادسًا: الاستفادة من تجربة الموظف
من الممارسات الإدارية الناجحة إجراء لقاء ختامي (Exit Interview) لمعرفة ملاحظات الموظف حول بيئة العمل، الإدارة، أو التحديات التي واجهها. هذه الخطوة تُعد مصدرًا مهمًا للتحسين والتطوير المؤسسي.

الإدارة الحقيقية لا تُقاس فقط بكيفية التوظيف، بل بكيفية إنهاء العلاقة الوظيفية. فالتعامل الراقي بعد انتهاء الفترة التعاقدية يعكس أخلاق المؤسسة، ويعزز سمعتها، ويؤكد أن الإنسان هو محور العمل وليس مجرد رقم. وكل إدارة تحترم موظفيها حتى لحظة الوداع، هي إدارة جديرة بالثقة والاستمرار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى