فطرة رمضان

     بقلم :
ابراهيم العسكري.

مبارك علينا وعليكم شهر رمضان لهذا العام ١٤٤٢ ه. بفارق مميز عن رمضان العام الماضي الذي حرمنا فيه من الصلوات بالمساجد ليس هذا فقط بل كان فيه حظر التجول كما تعلمون بسبب الغازي الغادر الخفي كرونا ونسأل الله السلامة والهداية والقبول والغفران..!!

كنت قد كتبت أيام المنتديات موضوعآ بعنوان هذا المقال (فطرة رمضان) وبينما كنت اقلب بعض دفاتر ذكرياتي التي هتمها مرور الزمن فوجدت النسخة القديمة للموضوع ورأيت انه مناسب أن يطرح لكم اليوم مع بعض التعديلات لمواكبة فارق تقلبات الزمن..!!

اعتقد ان الموفق يدرك أن لرمضان روحانية عطرة وله في ذاكرتي روابط عبق وذكريات خاصة في الغالب مبهجة وتدعو للسرور..!!

كلما عشت لأسعد بمرور سيد الأشهر
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن شهر الخير والغفران أحمد الله وأشكره أن بلغنا فضل ذلك الشهر وهذا الفضل العظيم..!!

بمرور هذا الشهر الفضيل عبر العقود تعيد ذكرياتي جمال ما مضى من أشهر رمضانية جميلة ورائعة عشتها بحب خالص وخاص لرمضان الفضيل…!!!

تلك هي ذكريات قريتي الصغيرة ولأنها كثيرة سأكتفي بذكر بعض ما يحرك مشاعري بجمال العفوية الذي عشته في كثير من جمال وروعة ما كنا نستمتع به في أزمان مضت وللأسف لن تعود إلا كذكرى تتجدد..!!

كان جدي وأبي وبقية الأسرة رحم الله من سبقنا منهم بالموت ينتظرون بلهفة ما يطلقة المذياع (الراديو) من أخبار وطننا معلنآ بداية شهر رمضان،  فحينما يرتفع صوت أحدنا نسمع كلمة الأمر من جدي أوأبي: (أصه لنسمع الرادي)
ثم إذا تحقق القول ببدء شهر الخير بدأت علامات السرور والابتهاج وعم الفرح والمباركة والدعاء ، وأطلقت الأعيرة النارية من قريتي وشقيقاتها المجاورة بتحقق دخول شهر رمضان..!!

غفر الله لي ولكم كنت في بدايات صومي بالمرحلة الابتدائية أسرق من صومي ما أبرره بقليل من الماء حتى لا أموت أو ارتكب قتل النفس بالعطش الشديد..!!!!!

فإن لم يتيسر لي شيء أو عاتبني الضمير الذاتي بالغت أثناء الوضوء بركن الأستنشاق ليسقط الجزء الكبير في جوفي ثم أكيل اللعن للشيطان الذي تسبب في ذلك وهكذا عند كل وضوء.
إنها براءة طفل.!!

كنا ننام في رمضان مبكرآ ونصحو للسحور ولا نوم بعد الفجر
فكانت صباحات رمضان لا تفوتنا فيها شروق الشمس الجميلة والجلوس برهة حتى يحين الذهاب للعمل إما الرعي أو سقيا المزرعة أو أي دور يوزع علينا من قبل مشرف توزيع الأدوار الأسري..!!

من أجمل لحظات رمضان في طفولتي هي قبيل المغرب بساعة حينما نجتمع كلنا أطفال القرية بانتظام في صوح مسجد قريتنا والصوح هو الفناء المحاط بالبناء للمسجد من غير سقف نجتمع بنين وبنات للبنين جدار خاص يرتكون عليه وكذا للبنات جدار موازي خاص بهن يرتكين عليه…..!!!

كنا نلحظ نار كل بيت في القرية من سقفه المفتوح لإخراج دخان اللهب ونتأكد ان البيت الفلاني خبزهم برآ أو شعيرآ ويتحقق ذلك من أجمل رائحة تفوح للخبز لا يكدرها روائح المولدات أو السيارات كما هو الحال اليوم..!!

كنا قبيل الغروب ننتظر موزع الفطرة وهي قبضة يد واحدة لكل فرد منا تحمل عدد من التمرات من أحد رجال قريتنا يوزعها علينا من ريع تلك المزرعة التي أوكل بزراعتها وجنيها وهي في الأصل ليست له فهي وقف للمسجد وقد استعد سلفآ ان يقدم من ريعها فطرة من تمر أو طعام لزوار المسجد او من يحتاج مقابل جني ثمار تلك المزرعة الوقف..!!

كان كثير من لديهم وقف يقتسمون أيام رمضان في توزيع التمر وكنا نفضل أحدهم عن الآخر لأنه يجلب تمرآ جيدآ كتمر هجر ويهب بسخاء حاتمي..!!

كانت تلك اللحظات قبل التوزيع من أجمل وأروع اللحظات التي نتبادل فيها بعض الألعاب المتاحة أوالاستمتاع لمن يكون في العادة منح موهبة النكتة أو قاص أو متحدث جيد لنقل المعلومات في حدود قريتنا أو القرى المجاورة لها فقط فثقافتنا لاتحتمل تجاوز ذلك المحيط وصدورنا يكفيها أن تمتليء بالحب من عبق جمال قرانا وضواحيها..!!

لم أنس طعم تلك التمرات ولم أنسى حينما كنت اقرض بعض تمراتي لرفيقي أو رفيقتي أو أحدهما حينما يقرضني على أن تسدد في الغد بمثلها أو بقطعة خبز..!!

كنا رغم صغر سننا نوفي بما نلتزم به من عهود وفق تربيتنا من قريتنا وأهلها الأوفياء فكنا نستشهد ببعض الحضور بأتفاق الطرفين بقرض حبيبات التمر بالعدد أو بمقايضتها بكسرة خبز ويحدد النوع بر(قمح) أو شعير..!!

نذهب بالتميرات قبيل الأذان للبيت فنجد الجارة تعطينا من خبزها ولبنها ونهب لها من خبزنا وسمننا فتحل البركة ويسعد الجيران..!!

يعلم الله كانت أيام أخشى أن أسهب في ذكرياتها فتسبقني الدموع..!!

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال بالعفو والقبول وأزاح الغمة عن الأمة.

عن شعبان توكل

شاهد أيضاً

تجاربي في الحياة (28) :صلاح البال( تلك الراحة المطلوبة )

للكاتب الدكتور عثمان بن عبد العزيز آل عثمان رئيس مجلس إدارة الجمعيةالخيرية لصعوبات التعلم ‏‏ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.