التعليم الأهلي في السعودية: التحدي يظهر الجوهر

الدكتور طلال بن سليمان الحربي

لطالما كان الحوار والتحليل حول أهمية وجود التعليم الأهلي الخاص في أي دولة في العالم، والكل اجمع على ان التعليم الأهلي الخاص له ضروريته وإيجابياته الهامة جدا، كما أيضا له من السلبيات، فكرة التعليم الأهلي هي بالأساس تكملة دور التعليم الرسمي الحكومي، وتقديم فرص تعليمية متطورة واكثر إنتاجية من حيث البنية التحتية وليس المخرجات من الطلبة فقط، ولهذا في كل دولة في العالم تجد منظومة التعليم الأهلي الخاص، حتى الدول الاشتراكية منذ ثلاثة عقود مضت دخلت في هذه الدائرة، وأصبحت فكرة احتكار التعليم على القطاع الحكومي الرسمي من الماضي.

بكل شفافية، التعليم الأهلي هو احد ضروب الاستثمار، بمعنى ان أساس كل مؤسسة علمية أهلية هو شركة مسجلة في وزارة التجارة ، والهدف ربحي واستدامة بكل تأكيد، لكن ما قد يميز التعليم الأهلي في المملكة لدينا عنه في عديد من دول المنطقة او حتى دول العالم، ان الحكومة الرشيدة لدينا لم تترك منظومة التعليم الأهلي على خط الاستثمار والتجارة فقط للمؤسسين، بل وضعت ضوابط ومحددات وأنظمة، تجعل من مخرجات التعليم الأهلي مكملة ومتوافقة مع التوجه العام لأسس التعليم في المملكة، وهذه الأنظمة والمعايير ضبطت عملية الاستثمار في التعليم الأهلي.

الامر الاخر الذي تميز به قطاع التعليم الأهلي في المملكة، هو ان غالبية المستثمرين في هذا القطاع، هم أساس من رجالات الاقتصاد الوطني العام، وبالتالي هم إضافة الى أهدافهم المشروعة الربحية، الا انهم يسعون بكل جد واجتهاد لخدمة وطنهم وشعبهم، وهذا التوازن بين شخصية المستثمر وبين روح المواطنة، هو ما خلق هذا التميز في التعليم الأهلي في المملكة، واتاح الفرصة لعديد من الشباب السعودية بالحصول على فرص للتعلم والحصول على مؤهلات ودرجات علمية، لم تكن لتتوفر لهم في التعليم الرسمي الحكومي.

من واقع اطلاعي ومتابعتي لعديد من الجامعات والمؤسسات التعليمية الاهلية، لفت انتباهي جامعة اليمامة، والتي بحق تستحق كل اشادة وتقدير، نظرا لما تقدمه من تخصصات متميزة وكوادر تدريسية وإدارية ومهنية عالية المستوى، سواء من الكوادر السعودية او غير السعودية، بالإضافة الى ما حظيت به هذه الجامعة من اهتمام ومتابعة من وازرة التعليم العالي منذ تأسيسها في العام 2001، حيث تم التأسيس من قبل عائلة الخضير الغنية عن التعريف، والتي كما أوضحت في مقالتي أعلاه ان السعوديين الذي توجهوا لهكذا نوع من الاستثمار هم أساس رجالات اعمال متميزون، وعائلة الخضير هي عائلة معروفة ولها كل الاحترام والتقدير، ولهذا عندما أسست جامعة اليمامة فلقد اهتمت بحيث تكون جامعة ريادية إبداعية متميزة، تشكل عامل القيمة المضافة لخدمة قطاع التعليم العام في المملكة.

والان وبتولي الأستاذ خالد بن محمد الخضير رئاسة مجلس الأمناء في الجامعة، فلقد انتقلت في عهده لمواكبة التطورات الأخير التي تشهدها المملكة، من نهضة معرفية وفكرية واقتصادية وتعليمية، مع الثبات على نهج برنامج التحول الوطني والسعي لتحقيق اهداف رؤية المملكة 2030، والأستاذ خالد الخضير يعي جيدا مفهوم التعليم الأهلي وكيفية تحقيق الاستدامة لتحقيق الربحية، حيث ان النهج المتبع لديه هو ان المخرجات التعليمية المتميزة هي التي تحقق الديمومة، وان جعل جامعة اليمامة ماركة مسجلة في قطاع التعليم يلزمه مخرجات على اعلى مستوى، وكوادر تدريسية وإدارية قادرة على تحقيق هذا الأعلى في المستوى، وان منظومة العمل لا بد وان تكون متكاملة، وان مواكبة احتياجات السوق والاقتصاد وعلم المجتمع المعرفي، هو ما يجب ان يحكم الاعداد السليم لمخرجات التعليم في الجامعة.

نعلم جيدا التحدي الذي واجهته المؤسسات التعليمية الاهلية ابان جائحة كورونا، ولكننا نعلم جيدا أيضا ان الإدارة السليمة الوطنية لكل مؤسسة هي التي ساهمت في تجاوز هذه الجائحة، وهذا ما لمسناه من دعم من مؤسسي هذه المؤسسات وفي مقدمتهم عائلة الخضير بقيادة خالد بن محمد الخضير، وظهر الجوهر الأساسي في هكذا نوعية من الاستثمارات ان الأساس هو خدمة الوطن وتحقيق المصلحة العامة له.

هنا اود ان أسجل ملاحظة لا بد والاهتمام بها، وهي كيفية تغذية روح المحبة والسلام في أبناء المقيمين الدارسين في الجامعات الاهلية في المملكة، حيث ان هؤلاء مستقبلا وحين يعودون الى اوطانهم الام، لا بد وان يكونوا سفراء محبة باسم المملكة، ويعون جيدا حقيقة السعودية شعبا وقيادة، ويمثلون دعما أساسيا للمملكة لما عاشوه من خير ومحبة وسلام فيها.

عن سمر ركن

شاهد أيضاً

مملكة الإنسانية

  بقلم/ مشاري محمد بن دليلة* المملكة العربية السعودية منذ بزوغ فجرها على يد مؤسسيها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.