نساء في بناء الوطن : موضي بنت سلطان أبو وهطان زوجة الأمير محمد بن سعود ( المؤسس للدولة السعودية الأولى)

د نورة المالكي
‏في أحد الأيام المميزة في تاريخ مملكتنا الحبيبة جاء القرار السامي من جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز بأنه تم اختيار يوم 22 فبراير من كل عام بأنه اليوم الرسمي لتأسيس المملكة العربية السعودية ، وقد تم تسميته بيوم التأسيس، وهو يوم إجازة وطنية للدولة السعودية وشعبها الكريم احتفاء بتأسيس هذا البلد الشامخ..

و بعد سماع الخبر، ابتهج الناس وعم الفرح ارجاء المملكة وكأنها ليلة العيد ،، و قامت الفتيات بتجهيز الملابس الخاصة للاحتفال وبراقع منقوشة ذات ألوان جميلة ، وبراقع مزخرفة ، و تسابقن في الاهتمام بالإكسسوارات زاهية الألوان وقطع الذهب البراقة ..
وقالت الفتيات : أمي هذا يوم إجازة وفرح وطني كبير ويجب أن نلبس ونتزين ونمثل تراثنا بأحلى اللباس
فقالت الأم: هل تعرفن ما يوم التأسيس ؟
قالت الفتيات :إنه يوم تأسيس مملكتنا الحبيبة
قالت الأم : ولما علينا ان نحتفل به كعيد وطني ؟
ردت الفتيات ؛ لكي نحتفل ونفرح بتاريخ مملكتنا ، فهو عيد وطني .

ردت الأم : ‏هذا صحيح ولكن تذكرن ياجميلاتي أن يوم التأسيس هو يوم عظيم وفيه تأسست مملكتنا ككيان إسلامي موحد الكلمة والأطراف والقلوب … ولكن أيضا في هذا اليوم قدمت نساء التأسيس أغلى ما يملكن أرواح أولادهن وأزواجهن واخوانهن لتحرير هذا البلد الشامخ ،، ففي هذا اليوم خسرت الكثير من نساء الأسرة الحاكمة الكريمة ومعهن مجموعة من نساء القبائل المشاركة الكثير من الأرواح من أبنائهم وأزواجهم وإخوانهم فداء لهذا البلد الطاهر ..
‏وفي ذلك اليوم أيضا اختلط الحزن والفرح ودماء الشجعان بالشهادة واليتم بالانتماء لهذا البلد العظيم ،وكانت أمهاتنا وجداتنا ونساء التأسيس من الأسرة الحاكمة الكريمة يتزين فرحة بشهادة أولادهن في سبيل الله ثم في توحيد هذا الوطن …. مشاعر عميقة لا يمكن وصفها ، ولا يشعر بها إلا من عاش تفاصيلها …
فهذا اليوم ليس مجرد احتفال عابر ، ولا لباس مزخرف .. بل هذا اليوم هو يوم بناء الوطن ، هو يوم موت الشهداء ،وصبر النساء ، فلا تنسين ذلك وكن خير من يمثل هذا البلد الإسلامي وخير من ينقل تراثه بالطريقة الصحيحة…
‏أن هذا اليوم التاريخي هو يوم حافل بالمعارك والانتصارات ،، إنه اليوم الذي كان فيه السعوديون في أرض المعركة ليحموا بلدهم واهلهم وعشيرتهم ونجد وحدودها .. أيام كانت فيها العيون مترقبة والعدو متربص و المؤامرات تحاك بالظلام ضد هذا الوطن ، والرجال مدججين بالسلام والنساء لا تنام تحرس البيوت والأطفال ،إنه يوم عظيم كانت فيه النساء شقائق الرجال وكن خير معين في أشد الأوقات واصعبها.. فكانت النساء هن الطبيبات المعالجات و الأمهات الحنونات والزوجات الصالحات المحفزات و كاتمات اسرار الحرب حتى تحقق الحلم وتوحدت القلوب والعقول وتم تأسيس الدولة السعودية الأولى رسميًا …

‏وكانت نساء الأسرة الحاكمة الكريمات ومعهن الكثير من نساء القبائل خير مثال للمرأة السعودية القوية الصابرة المحتسبة ، ‏أيام صعبة ، ولحظات مؤلمة ، ودماء متناثرة ، وظلم مرير ، وشتات عظيم ، وبعدها تبدلت الأمور فأصبحت ‏فرج بعد صبر ، وفرح بعد حزن، رجاء بعد يأس ،وأمان بعد خوف ، وغنى بعد فقر ، وذلك بسبب الأبطال من رجال الدولة السعودية وعلى رأسهم الامام محمد بن سعود الذين قرروا إنهاء هذه المأساة وإعلان تأسيس نجد وما حولها ورفع راية الدين الإسلامي الحنيف ونشر العقيدة الصحيحة . وكان الامام محمد بن سعود يخاطب رجاله ‘ أزيحوا عن قلوبكم الخَوف وانْفُضُوا الهمَّ فلا تحزنوا ‘
غن الاحتفال بهذا اليوم الكبير ليس بالرقص في الشوارع العامة والتصرفات الغير لائقة ونشر المنكرات و التفاهات ولبس الملابس التراثية والاستعراض بها أمام الملأ في الأماكن العامة ، فهذا ليس التصرف الصحيح اللائق في بلدنا الشامخ كدولة إسلامية و دولة عربية عظمى.

فإن هذه التصرفات سيسجلها التاريخ … فما يسطره التاريخ سيكون موروثنا للأجيال القادمة.
وبينما كانت الأم تقص القصص عن النساء العظيمات في ذلك الوقت وإسهاماتهم في حفظ انفسهن وتربية أبنائهن التربية الصالحة ، كزوجة الإمام محمد بن سعود ال سعود رحمها الله ، وهي السيدة الفاضلة الأميرة (موضي بنت سلطان أبو وهطان من آل كثير) المرأة العاقلة، الناصحة، وكانت صاحبة صدقات وأعمال إنسانية. ومساهمتها في حفظ الأسرار و نشر الأمن بين مجتمعات النساء ومواساة أمهات الشهداء ونشر الدين الحنيف فكانت مضرب الأمثال في قوة الشخصية و هيبة الحضور ..

قالت إحدى الفتيات وكيف يمكننا أن نكون مثلهن وزماننا يختلف عنهم ؟
ردت الأم : حتى نكون أفراد ناجحين ونكون فخر لبلادنا وأمتنا الإسلامية،، فإنه لابد من تحمل روح المسؤولية في الحفاظ على بلادنا وممتلكاتنا .. فبناء الوطن يحتاج الى عزيمة الرجال ،،، و قوة النساء .. وتعلم الأجيال وتطورهم في كل المجالات الحياتية العلمية منها والمهنية على حد سواء .. وكما هو معلوم فالنساء هن نصف المجتمع وهن من يربي النصف الأخر منه فتربية البنات على القوة والتمسك بالأخلاق ترفع قيمة أمتنا بين الأمم .
فقيادتنا الحكيمة قد قررت الاحتفال بيوم التأسيس المجيد لإحياء تراث الأجداد وتمجيد انتصاراتهم ونجاحاتهم وحفظ الهوية السعودية الاصيلة . فكل فرد في مملكتنا الحبيبة مسؤول عن تصرفاته أمام هذا البلد المعطاء … نحتفل ونفخر ونمجد بلدنا ولكن بلا اعتداء على الأموال والارواح والعادات والتقاليد والقيم الإسلامية.

عن شعبان توكل

شاهد أيضاً

الشعور لا يخطئ .

بقلم / لمياء المرشد شعورك أحياناً هو نظرتك ، هو من يتكلم أصدق من البشر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.