عيون أبكاها القدر

بقلم الكاتبة وداد بخيت الجهني.

مالي أراك كأن حزن الكون منكبَّ عليك!
وكأن صدرك ذاويًا من أزهار وأيكْ!
وكأن صبرك قد طواه اليأس
وجعي عليك فلملم الدمع الهزيل
وقل لحزنك “لا عليك”
سيطول لكن “لا عليك” لقائلها
كن هادئاً أيها القلب، فهموم الدنيا لا تنتهي، فالحياة لاتستقر على حال وأحد فهي متقلبة تارة تكون في شقاء وتارة آُخرى تكون في سعادة.
على هونك ياذاكرة، عندما َتجلبينَ الآلم، و تجعلينَ أيامنا سوداء غير مرئية للشمس، وعندما تكتسينَ بالليل المظلم؛ فتجعلينَا لانعرف الألوان، وعندما تُحاصرينَا بالهموم، والأحزان، َوتُرسمينَ على وجوهنا ندوب أرواحنا المتعبة، رغم كثرة أساليب مقاومتنا لك.
ياعين ترفقي عندما تُبكينَ، وتُحرقينَ مساحات قلوبنا البيضاء وتُحيلينها رماداً، وعندما ُتلجمينَ أفواها وتفقديها شهية الكلام، وعندما ُتجردينا حروفنا من مشاعرها وتملأينها ضجيجاً يطوي في ثناياه أسى كبير.
فأصعب شئ يؤثر علينا وعلى وجودنا هو أن نمر بشئ قاسي علينا ؛ فكلما عصفت رياح الذكريات، وصفعتنا الحياة؛ تذكرنا حوادث لم نشأ أن نعيشها؛ ولكنها آتت كما شاء لها القدر،؛ آلمتنا فحملنا على عاتقنا حاضرها المؤلم، وتوشحنا رداءً أسود لايبصر الأمل، وتملكتنا حكايات موجعة، واستعمرتنا مشاعر صعبة لايمكن وصفها.

عندما بُلينا بفقد أحبة غالين، كانوا لنا شيئاً كبيراً، بل كانوا لنا العالم بأكمله، عشنا معهم الحياة بكل صدق،شاركونا أفراحنا وأحزاننا، شاركونا كل التفاصيل الصغيرة، كأول حرف، أول خطوة لنا في الحياة، أول دمعة، أول نجاح، أول فرح، صفقوا لإنجازتنا، وأقاموا عثراتنا، كانت حياتنا بوجودهم سعادة، وجمالاً، يعطرون أرواحنا بجميل طلتهم، وُحسن كلماتهم، هم روح الزمان، والمكان، والغيمة الماطرة التي لاتهطل إلا بكل جميل، والركن الهادئ الذي يبعث بنا السكينة، والطمأنينة،ويجعلنا نعيش على قمم السعادة، وعندما غابت شمسهم عن سماءنا؛ أصبح الكون كله ظلام دامس، والحياة بدونهم غربة، والأيام لاقيمة لها، الدنيا بأكملها أصبحت جنة بعيون كفيف، أدركنا معنى الخسارة التي رجت عالمنا رجة عنيفة، وعشنا وهن الجسد، وضياع الروح، خاصة عندما نتذكر أن رحيلهم، لاعودة له، ولادرب يُوصل إليه، ولا شوق أو حنين يُرجعه، ولاعابر يُطمئنا عليهم،
حينها بكينا بصمت، وكفرنا بالأمل، وانطفئت مصابيحنا، وغُرقنا في بحر لا قرار له، ُسلبت أحلامنا من بين أيدينا، وقُتلت أمنياتنا بسهام القدر، وأصبحت قلوبنا تلفظ أنفاسها الأخيرة، وتنزف بشدة كقلب الأم التي ترى طفلها يموت وجعاً ولاتعرف لدواء طريقاً،
ففقدهم ضربة أصابتنا في عمق الوريد؛ لأن القلب كان ملكاً لهم؛ لم يتبقً لنا منهم سوى خيالهم الذي يحيط بنا أينما حللنا، وذكرياتهم التي لم تغيب عن ذاكرتنا المهترئة فهي لازالت تجول فيها بكل أريحية
من بعدهم سأتوقف عن النضال، ولن أرفع راية التحدي أمام صعابك يا دنيا بل سأصرخ بأعلى صوتي زديني آلما فرحيلهم وجعاً لا علاج له وهو قاتلي لا محالة

عن شعبان توكل

شاهد أيضاً

ياسيدي

بقلم: أبتسام هادي عشان تخيل كل الفصول كيف تهواك ! كنظم الكلام المبجلِ سطرته بيداك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.