بهارات

محمد الرياني

الساعةُ تشيرُ إلى الساعةِ السادسةِ صباحًا، لسعُ الجوعِ جاء مبكرًا، لم أجد أحدًا لألقي عليه تحيةَ الصباحِ سوى القدور والأطباق والثلاجة، خالجني شعور كي أضحك وأداعب الجوامد التي من حولي، وقفتُ عند القدر الذي نضع فيه الخضروات المشكلة، استأذنتُ منه قبل إلقاء المحبة، نزعتُ عنه الغطاء إلى أعلى، ضربتُ فتحةَ الطبق بالغطاء ، صدر صوتٌ مميزٌ مع هدوء الصباح، صباحٌ باسمٌ أيها القدر الصامت، مابك فارغ؟ هززتُ راسي وتأكدتُ من عدم رغبته في إسكاتِ جوعى، قلتُ لابد أن في الطبق الآخر ما يغنيني، هذا قِدرُ المكرونة، ما ألذَّ المكرونة! تعجبني على الطريقةِ التقليدية، فتحتُ الطبق، زممتُ شفتي بعد أن رأيتُ البؤسَ في محتواه، قلتُ لم يبقَ لي إلا الثلاجة، فتحتُ الثلاجة، صباح الخير، انبعثتْ روائحُ الفواكه، كررتُ متعحبًا! فواكه! وهل تُسكتُ الفواكهُ في الصباح جوعي؟ نظرتُ في عُمقها وزواياها وبابها دونما فائدة، جلتُ ببصري نحو الجدران، ما أروع الجدران التي تُحيط بي! كنتُ دائمًا أركلها بقدمي من الشبع، كنتُ شابًّا ممتلئًا ومفتول العضلات ولا ألقي سلامًا على أطباق أو قدور لاحياةَ فيها، فتحتُ البابَ الجانبي للبيت لأرى الشمس، أنا أحب الشمسَ كثيرًا وتأسرني أشعتها في الصباح، جلستُ على كرسي في الحديقة، في زاويةِ الحديقة بعضُ الخضرواتِ التي زرعتُها بيدي، اقتربتُ أكثر، قلتُ للثمار القادمةِ في الصباح، قلتُ لها : تحيةً لهذه الحُمرةِ وهذه الخُضرة، قطفتُ حبَّتيْ طماطم وحبتين من الكوسا الطازجة، يا لسعدي اليوم! مارستُ الطبخَ الذي تعلمتُه أيامَ الغُربةِ والدراسة، فتحتُ علبةَ البهارات، فاحت في وجهي، عطستُ عدةَ مراتٍ حتى ظننتُ أنني استرردتُ عطاسـًا مفقودًا من قبل، وقفتُ عند الأطباقِ ألقي عليها التحيةَ وفمي يشدو كالعصافيرِ من الفرحة، مرَّتْ دقائقُ قليلة والأطباق التي فقدتُ الأملَ منها تفوحُ بعملِ يدي، جلستُ في الحديقةِ لأستمتعَ بالصباحِ وأتأمل يدي التي لوَّحتْ بالتحيةِ على طريقتها.

عن شعبان توكل

شاهد أيضاً

عاطف سندي : جمعية السينما ترتقي بالصناعة من خلال تمكين الصنّاع

الظهران – ماهر بن عبدالوهاب عبّر سفير السلام والنوايا الحسنة الدكتور عاطف سندي عن فخره …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.