الشعوب ورمضان

بقلم منصور العلي
يعد شهر رمضان في الدول العربية أكثر من مجرد فترة للصيام والعبادة، فهو موسم يتسم بتعزيز الألفة والتواصل بين الناس. تسود خلاله أجواء من الروحانية والتسامح، ويصبح فرصة لتوحيد القلوب وتعزيز العلاقات العائلية والمجتمعية. سواء كنت في أحد الأزقة الضيقة في دمشق أو في الأسواق المكتظة في القاهرة، فإن الشعور بالتكاتف والفرح الرمضاني يملأ الأرجاء.
في رمضان، تعكس المجتمعات العربية طابعها الثقافي المتنوع من خلال الممارسات الرمضانية. تتجلى هذه الثقافة في موائد الإفطار المملوءة بأشهى المأكولات التقليدية مثل التمر، والشوربة، والمحاشي التي تختلف مكوناتها من بلد إلى آخر. كما تقام الأمسيات الرمضانية في المدن والقرى حيث يتجمع الجميع لتبادل الأحاديث والاستمتاع بالعروض الثقافية، مثل الحكواتي في بلاد الشام أو فرق الأناشيد الروحانية في مصر.
وتعد الألفة من أبرز سمات هذا الشهر المبارك. تجد الأبواب مفتوحة على مصراعيها لاستقبال الضيوف والمحتاجين، حيث تعزز ثقافة الضيافة الكريمة مفهوم التكاتف. وتصبح المساجد مزدحمة بالمصلين، الذين يجتمعون لأداء صلاة التراويح والقيام بروحانية موحدة، تمتزج فيها الدعوات والأصوات في تناغم عذب.
كما يعكس رمضان دورًا مهمًا في مد الجسور بين الثقافات. فالتنوع الذي يميز دول العالم العربي يظهر بوضوح في العادات والاحتفالات الرمضانية التي يتم مشاركتها بين مختلف الطوائف والجنسيات المقيمة في هذه الدول. يحترم الجميع قدسية الشهر ويشاركون في روح التضامن والتعاون.
كما يُعتبر رمضان في الدول العربية لحظة متفردة تُذكّرنا بأهمية التواصل الإنساني والاحتفاء بالقيم المشتركة، مما يجعل هذا الشهر رمزًا عالميًا للوحدة والمحبة.



