مقالات و رأي

 روافد الحرف.. وموطن المعنى

الدكتورة : إيمان حماد الحماد
بنت النور/ ‏http://@bentalnoor2005

روافد العربية ، صحيفة عن التعريف غنيّة .. ظهرت في زمنٍ تتيه فيه الكلمات، وتُختزل المعاني في زوايا عاجلة، حيث كانت”روافد” استثناءً يليق بالأدب، ومجالًا رحبًا للفكر، ومنبرًا لا يضيق بالحرف، ولا يحدّ من الطموح.

وصلتني دعوتهم، لا كخبرٍ عابر، بل كنبأٍ يحمل عبقًا خاصًا، يُوقظ في داخلي نداء الكلمة، ويستفزّ قلمي ليتهيّأ لرحلة جديدة… دعوة لم تكن مجرّد انضمامٍ لصحيفة، بل التقاء روحين: الحرف والنبض، والفكر والفضاء.

أدركت حينها أن “روافد” ليست اسمًا وحسب، بل وعدًا بأن الحرف لا يضيع، وأن النبض حين يُكتب في موطنٍ كريم، فإنه لا يُنسى، بل يُخلّد.

تكتب الصحف كثيرًا، وتمتلئ الصفحات بالمنشورات والمقالات ، لكن قليلًا منها من يكتبك أنت ، ككاتبةٍ، كإنسانةٍ، كهويةٍ لها ظلالها وحقولها التي لا تُزرع إلا حين يُحسن أصحاب الأرض استقبال البذور .

وروافد، بحسن الظن، قد أحسنت الاستقبال.
ومعنى أن أنضم إلى أسرة “روافد”، هو أن أضع اسمي حيث تزدهر الأسماء، وأبذر قلمي حيث تنمو الأفكار. هو أن أكتب وفي قلبي امتنان، وفي حروفي انتماء، وفي لغتي عهدٌ أن أكون كما يحب القلم أن يكون: صوتًا للمعنى، وصدىً للحق، وظلًا من ظلال الجمال.

إليكم أجيء، لا كعابرة سبيل، بل كحرفٍ وجد معناه، وكصوتٍ لبّى نِداه، وككاتبةٍ تدرك أن الروافد لا تجف، ما دامت تُروى من نبع الصدق والذوق والأصالة.

وحين التقى رافدي بروافدكم في فسحة الحرف، حيث تولد المعاني وتُروى الأرواح، فقد سمعت نداءً ليس ككل نداء، بل كصوتٍ يشبهني… ،يشبه الفكرة حين تتجسد، والكلمة حين تتنفس .

وفي زمنٍ تضيق فيه المساحات، وتتآكل فيه الأصوات، وجدت في “روافد” مساحةً تشبه القلب حين يتّسع، والنبض حين يُسمع، والضوء حين يُكتب.

فقلت في سري: ها هو رافدي… هذا الحرف الذي غذّيته بالشغف، وسقيتُه من نبع الوجدان، قد وجد مصبّه. ها هو رافدي ينضم إلى روافدهم، لا ليذوب، بل ليزيد النهر اتساعًا، والصوت صدًى، والمعنى امتدادًا.
فها هو صوتي ينضم لأصواتهم ، وقلمي يتراقص على صفحاتهم ، وحبري يرتوي من روافدهم ، ويتغذى في مساحاتهم …
وهي ليست مجرد زيارة ، بل انصهار نابعٍ في نهرٍ جارٍ، ورفقة قلمٍ لقافلة حروفٍ تعرف الطريق، وتُجيد الوجهة.

فأن أكون بينكم ، هو أن أوقّع الحرف بالحضور، وأن أُلبس المعنى لون الانتماء.
هو أن أضع اسمي على صفحةٍ تعرف ماذا يعني أن تُكتَب الكلمة بحب ، ويُقرأ النصّ بشغف، وتُفتح الأبواب للقادمين لا كضيوف، بل كأبناء الحرف.

فكان أول ما كتبته في دفاترها:
“جئتُكم لا ككاتبة جديدة، بل كنبعٍ طال اشتياقه لمصبٍ يليق، وأنا من اليوم عضو في هذا الفريق ” .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى