ملامح الحزن على وجوه الجدران أيضًا : إسماعيل عيسى … بسمات لا تتكرر

محمد الرياني
هكذا تبدو ملامح الحارة بعد رحيله ، كانت في عهده تضيء بالبسمات ، وبعد رحيله تخلت عن بهجتها وهجرتها ابتسامتها ، كان (إسماعيل عيسى ) شخصية فريدة واستثنائية ونادرة ، عرفته شابًّا يحرس مرمى فريق القرية الصغيرة ، يلعب وهو يضحك كي يضحك معه الفريق والملعب ، يطلق عبارات المزاح بحروف بريئة من أجل أن يضفي البهجة والسرور على من حوله ، وكبر وتوظف وكون قاعدة من المحبين والمعجبين بفضل ملامحه التي تكونت من براءة قريته وجماعته ، يأسر من حوله بحديثه وثقافته الاستثنائية وحبه لمعرفة كل جديد في عالم المعرفة ، لم أر على وجهه يومًا ملامح غضب أو حقد أو عداوة لشخص ، عاش مسالمًا وغادر الحياة وعلى وجه الجدران قبل الناس عناوين رائعة من الحب والود ، وحروف حزينة من الفقد والألم .
عانى من المرض كثيرًا في العقد الأخير من حياته ومع هذا ظل يواجه الألم بابتساماته المعهودة ، والتقاطاته البريئة كي يهزم الألم وليقول للألم هناك عزم على التصدي والتعايش .
رحل إسماعيل عيسى وهو الذي كان يملأ الحي شذى مثل رديمة فواحة تشع بياضًا وعبيرًا ، وغادر دنيانا وهو القمر الجنوبي الذي ترك على رمالنا ذكريات ومساءات لاتنسى ، ورحل وقد كان شمسًا يشرق على الحي من بوابته الصغيرة ليسطر مع سطورها رحلة الأيام .
وبفقده تفقد قائمة الشرف من حينا الأسطوري اسمًا مميزًا ولامعًا ، ولن تتكرر على نادي حينا أمسيات تشبه أمسياته ، أو بسمات تملأ أرجاء صباحات الحي مثل بسماته .
وهكذا هم الاستثنائيون أو المتفردون يغيبون غيابًا كبيرًا وموجعًا ليتركوا جرحًا غائرًا أكثر ألمًا ووجعا .



