الصدى الأدبي

عروق الورد🌹

عروق الورد🌹

بقلم : أحمد القاري

كانت تقف أمامي، تحمل باقة من الورود الحمراء، لكنها ما كانت كأيّ باقة، ولا كانت يدُها كأيّ يد .
تأملتُ يدها تلك التي امتدّت لتضمّ الورد، فإذا بها لوحة من العشق النابض، وعزف خفيّ للحن الحياة.

عروق يدها البارزة، سطور مكتوبة بالحُبّ على صفحة من النقاء، وكأن الورود تنبت منها وتتباهى على الأغصان.
كل وردة منها لها قصة، وكل شوكة مرّت على كفّها خلّفت بصمة جمال.

قلت لها وأنا مأخوذ بجمال المشهد:
– ما أجمل هذه اليد ! ما أبهى هذه العروق !
فابتسمت، نظرت إلى باقتها ثم إليّ، وقالت:
– هذه العروق هي جذور الورود .. ألم ترَ حمرتها؟ لقد سقيتها من دمائي.

آهٍ، كم أسرتني ! لم أعشقها لجمال الوجه فحسب – وإن كان وجهها بدراً مكتملاً – ولا لصوتها، وإن كان من لحن المطر .. بل عشقتها لأنها تحمل في يدها معنى التضحية، لأنّ الورد في معجمها رمزية أبعد من الزينة.. كل وردة في باقتها كانت تقطر من وهجها، من دفء قلبها، من عروقها المتعبة التي لم تشتكِ يوماً .

أصبحتُ مذ ذاك اليوم لا أرى الورود كما كانت، ولا الأيدي كما عهدت ..
أصبحت يدُها عندي رمزاً ، وعروقها خريطةً، وباقتها نشيداً من شوقي ودَمها.

ولو قُدّر لي أن أقف بين ذراعيها، لقلتُ:

“أيتها المرأة التي تنبت الورود من عروق يديها، وتستقي الحمرة من دمها ،اغرسيني غصناً ولكِ وحدكِ كل العشق، وإليك تنتهي كل المعاني.”

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى