مقالات و رأي

عطاء بلا مقابل.. فرح ينقص صاحبه

أحمد عبدالعال عشري
جمال الحياة لا يُقاس بما نملكه من مال أو بما نحصل عليه من متاع، بل في قدرتنا على أن نكون مصدر ابتسامة في وجوه من حولنا. أن تهب غيرك طاقة إيجابية، وتكون سببًا – بعد الله – في زرع الفرحة بقلوبهم، هذا أعظم عطاء يمكن أن يقدمه الإنسان. فهناك لذة لا توصف حين ترى انعكاس سعادتك في عيون الآخرين، وكأنك تُضيء قناديلهم في عتمة أيامهم.

لكن.. خلف هذا الجمال، يكمن جانب مؤلم لا يراه الجميع. فالذي يزرع السعادة كثيرًا، قد يكون هو أول من يحتاجها. ذاك الذي يواسي غيره ويشد على أيديهم في لحظات انكسارهم، قد يكون داخله انكسار أكبر، لكنه يخبئه بابتسامة صامتة حتى لا يثقل على أحد.

المُتعب حقًا أن تعتاد أن تكون سندًا للكل، بينما أنت لا تجد من يسندك. أن تكون أنت السبب في فرحتهم، لكنك حين تبحث عمن يفرحك، لا تجد إلا فراغًا يرد عليك. شعور قاسٍ أن تُضيء حياتهم بصدقك وعطائك، فيما تبقى أنت بحاجة إلى قبس ضوء يعيد لروحك توازنها.

قد لا يقدّر البعض أن أكثر الناس تفاؤلًا وضحكًا، هم أكثر الناس وجعًا من الداخل. وأكثر القلوب عطاءً هي التي تنزف في صمت، لأنهم يخفون جراحهم خلف واجهة القوة.

ومع ذلك، يظل العطاء سمة الكبار. أن تمنح الحب دون انتظار، أن تكون سببًا للخير حتى لو لم تجد من يمنحك بالمقابل. لكن تبقى الحقيقة المؤلمة: كل من يزرع السعادة يستحق أن يحصدها، وكل من يضيء للآخرين دروبهم يستحق من يضيء له عتمته.

الحياة أجمل حين يكون هناك توازن؛ أن تعطي وتجد من يعطيك، أن تفرح وتجد من يفرحك، أن تسند وتجد من يساندك. عندها فقط، يتحقق المعنى الحقيقي لجمالها.
ودمتم بود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى