المطر يعيد نبض الحياة… والأطفال يملؤون الأجواء نشاطاً تحت الغيم والهواء العليل.

البروفيسور فيصل عبدالقادر بغدادي
أستاذ جامعي سابق- مستشار التخطيط الإستراتيجي والقيادة
بفضل من الله ورحمته أغاثنا الله بغيثِ وأمطار ولله الحمد.. والحقيقة يختلف الشعور الإنساني عند سقوط الأمطار ، ولكن بالنسبة لي هناك شيء لا يشبهه شيء يحدث لي كلما بدأ المطر بالهطول.. أشعر وكأن العالم يبطئ إيقاعه قليلاً، و أتيقن الله عزوجل يمنحنا فرصة جديدة لنتنفس بعمق، ونتخفّف من ثقل الأيام… وسقوط المطر بالنسبة لي ليس مجرد حالة جوية أمرّ بها، بل لحظة تلامس شيئاً في شعوري الداخلي، لحظة توقظ الهدوء في نفسي وتعيد إليّ شيئاً من الصفاء للروح..
عندما تتساقط القطرات أحب كثيراً صوتها وهي تضرب الأرض برفق، كأنها تذكير لطيف بأن الحياة رغم صعوباتها ما تزال قادرة على أن تفاجئنا بشئ من الجمال بقدرة خالق الكون ورحمته .. ومع كل موجة هواء عليل وزخات تأتي مع الغيم المحمل أشعر بأن داخلي يُغسل بطريقة لا أستطيع وصفها بالكلمات..
ومع كل هذا الصفاء الذي يصنعه المطر في نفسي تزداد سعادتي حين أرى أبناءنا يمارسون نشاطهم البدني في الهواء الطلق تلمس أن هناك شيء مبهج جداً في مشهد الأطفال وهم يركضون بفرح، يضحكون بصدق ويتحركون بطاقة لا تنضب .. حين أراقبهم تحت الغيم أشعر بأن قلوبنا وأرواحنا تتحرك معهم لنصنع أوقاتاً جميلة ونخلد ذكرى جميلة تبقى معنا لوقت طويل.
أحياناً أقف بعيداً وأتأمل هذا المشهد بكثير من الإمتنان وأرى كيف ينعكس الهواء النقي على وجوههم البريئة وكيف يمنحهم المطر طاقة مختلفة ليس ككل الأيام بل هي طاقة لا تشبه تلك التي نجدها في الأيام العادية. ويخطر ببالي أن هذا المشهد على بساطته يختصر الكثير مما نحتاجه فعلاً .. حركة يومية ونشاط يؤثر على الصحة تأثيراً إيجابياً ضحكات تؤدي إلى تنشيط هرمونات السعادة وكذلك ما نحتاجه كذلك إرتباط عميق بالبيئة لنبتعد قليلاً عن صخب الحياة .. والحقيقة فإن مشاهدتي لهولاء الأطفال وهم يلعبون في هذه الأجواء وهم سعداء فإن ذلك يصنع فرحهم سوف ترسخ في ذاكرتهم لحظات سيكبرون بمشيئة الله وهم يستعيدونها بمحبة.. كيف لا فالرياضة في هذه الأجواء ليست مجرد حركة جسدية بل هي أيضاً فرصة لتخليد ذكرة. فرصة لكي يدرك الطفل وأن الهواء البارد العليل نعمة من نعم الله عزوجل وأن المطر يعيد لحياة الإنسان خفتها الجميلة. وفي زمن وأوقات تمتلئ بالشاشات الذكية..
وهكذا، كلما سقط المطر نشعر أن هناك نافذة تُفتح داخل نفوسنا نافذة للفرح وأوقاتاً للسكينة نستطيع من خلالها إعادة ترتيب مشاعرنا وخاصك مع ضحكات الأطفال في الهواء الطلق نشعر بأن نفوسهم لا تزال تمتلك الكثير مما يجعلها أجمل وأن مستقبلهم بمشيئة الله أكثر جمالاً..



