مقالات و رأي

قسوة الأب وقسوة الحياة

د. فهد بن عبد العزيز الأحمدي

يُقال إن الأب هو الأمان الأول، والظل الذي لا يميل، والسند حين تهتز الأرض من تحت أقدامنا. ولكن ماذا لو كان هذا الظلّ قاسيًا؟ ماذا لو جاء الدرس الأول في الألم من اليد التي كان يفترض أن تحتضننا؟

قسوة الأب ليست مجرد كلمات غليظة أو نظرات صارمة؛ إنها شرخٌ صغير في روح الطفل يكبر معه حتى يصير واديًا من الصمت والخوف. فحين يغيب الحنان عن البيت، يتحول الدفء إلى بردٍ داخلي، ويبدأ الابن في تعلّم الحياة بلا قلب، وكأن الأب سلّمه للعالم عاريًا من الشعور.

ومع مرور الأيام، حين يواجه الابن قسوة الحياة — تلك التي لا ترحم أحدًا — يجد نفسه غريبًا في وجهين متشابهين: وجه الحياة القاسية، ووجه الأب الذي كان نسخةً منها.
لكنه، وبرغم الألم، يتعلم شيئًا ثمينًا: أن الحنان لا يُستعطف، وأن الإنسان يستطيع أن يكون مختلفًا عمّا عاشه. فربما قسوة الأب كانت بداية التمرين على الصبر، وبداية رحلة لاكتشاف أن اللين لا يعني الضعف، وأن الحنان لا يحتاج إذنًا من أحد.

إن قسوة الأب قد تخلق فينا ندبة، لكنها أيضًا قد تخلق وعياً، وقدرة على كسر دائرة القسوة ذاتها. فالأبناء الذين ذاقوا الألم، حين يقررون أن يكونوا آباء مختلفين، يصنعون حياةً أكثر دفئًا وعدلاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى