” كنز بين أحضانك “

بقلم / د.هنيدة بنت نزيه قدوري

أهم الأسئلة التي أوجهها للوالدين عند طلب استشارة تربوية أو أسرية عند معاناتهم مع أبنائهم في اضطراب السلوك لديهم وتعرضهم لنوبات غضب غير مبررة أو بكاء شديد أو الصراخ دون سبب أو انغماسهم في عراك مع الآخرين أو اللجوء إلى الكذب أو السرقة دون شعور بالندم أو الذنب.
هل تحضنوا أولادكم يوميًا؟ وكم عدد مرات الاحتضان اليومي؟
وهنا تكمن الإشكالية في فهم دور الوالدين بأنه يقتصر على توفير المال والسكن والطعام والشراب والملابس ووضعهم في مدارس أهلية أو عالمية مميزة وتقديم هدايا وألعاب متنوعة أو الخروج الأسبوعي في نزهة تعويضًا للغياب اليومي عن البيت، بالإضافة إلى عدم إلمام الوالدين بالصعوبات التي تواجه أبنائهم مستقبلاً من دون ثقافة الاحتضان، فالحضن هو نقل المشاعر الصادقة والدافئة والعواطف الجياشة من الوالدين للأبناء لإمدادهم بالحب والرحمة وتزويدهم بالطاقة النفسية اللازمة لحياة سوية وصحية.

وقد أثبتت العديد من الدراسات والأبحاث أن احتضان الأبناء يرفع مستوى الأكسجين لديهم، وبالتالي يعالج العصبية والغضب التي يعاني منها بعض الأطفال و يكونون أكثر اتزانًا واستقرارًا وهدوءًا، ويزيل التوتر والقلق والضغط النفسي، الذين يعانون منه خصوصًا الأطفال في عمر المراهقة، لأن الحضن يذيب الشوائب ويكسر الحواجز.

كما أن الاحتضان يزيد من نسبة السيروتونين والتي تشعر الأطفال بالسعادة وتضبط مزاجهم كما تزداد مستويات الأوكسيتوسين، المعروف أيضًا باسم “هرمون الدلال أو الحب ” أثناء الاحتضان؛ مما يزيد من تقاربهم مع الوالدين وبالتالي زيادة مناعتهم وتقليل الإصابة بالأمراض ، كما يعلمهم التعبير عن عواطفهم وإبداء مشاعرهم ويزيد من الشعور بالأمان والقبول والمرونة النفسية ، وبالتالي تزداد ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم ، بينما الطفل الذي يفتقر لهذه العاطفة الطبيعية سيشعر بأنه مرفوض ومكروه ومنبوذ، وبالتالي سيصبح مزعجًا ومتمردًا.
لذا علينا الوعي بثقافة الاحتضان وفوائده فتقول الطبيبة النفسية الأمريكية فيرجينيا ساتير عن فوائد الحضن للأطفال” يحتاج الإنسان إلى أربع مرات من العناق يوميًا للبقاء حيًا، وثمان مرات من العناق للشعور بالاستقرار، واثني عشر عناقًا للنمو”
فينبغي علينا احتضان أطفالنا حوالي 4- 12 حضنًا يوميًا، ومنحهم حضنًا دافئًا؛ لتهدئتهم وجعلهم أكثر ذكاءً؛ وتحفيز دماغهم إيجابيًا على تجربة العالم من حولهم وتحفيز حواسهم على النمو البدني وتطوره، ، والحرص على عدم إجبار أطفالنا على الاحتضان واحترام حدودهم الجسدية وعدم إشعارهم بالذنب بتوجيه كلمات” أنت لا تحبني، لماذا لا تريد احتضاني” وتنشئة أطفالنا منذ الولادة على الاحتضان وتعويدهم عليه؛ ليتم ممارسته مستقبلاً مع أبنائهم وزوجاتهم، والأهم زيادة ثواب وأجر الحاضن بتطبيق هدي النبي صلى الله عليه وسلم، حيث تروي لنا كتب السير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسًا بفناء بيت فاطمة رضي الله عنها فجاء الحسن رضي الله عنه فعانقه وقبله، وقال: «اللهم إني أحبه فأحبه، وأحب من يحبه»
وليكن شعارنا (هناك كنز بين أحضانك فلا تحرم أبنائك منه)
here is a treasure in your arms, so do not deprive your children of it

عن شعبان توكل

شاهد أيضاً

بركة معاق (1)

الكاتبة /فوزية الوثلان تعتبر الإعاقة ظاهرة طبيعية شهدتها المجتمعات على مر العصور ، و يقصد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.