جبر الخواطر

بقلم ـ أحلام البليهشي

عندما يطرق آذننا مصطلح “عبادة” فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا صلاة وصيام وصدقة وبر الوالدين وصلة الأرحام وغيرها من العبادات التي تتبادر إلى الذهن عادة، ورغم عظم شأن هذه العبادات وكبير فضلها إلى أن هناك عبادة أصبحت خفية –ربما لزهد الناس بها وغفلتهم عنها- وأجر هذه العبادات في وقتها المناسب يفوق كثيراً من أجور العبادات والطاعات، ومن هذه العبادات عبادة “جبر الخواطر”.

فكم من حياة تحطّمت، وأهداف وطموح بسبب كلمة حزّت بخواطرنا.. كم من مشاعر تحطمت وقلوب كسرت؛ بسبب كلمات و أفعال لا حساب لها.

أحيانًا نعتقد أننا نعبر مجازاً بعبارة «قلبي وجعني» التي نستخدمها تعبيراً عن الألم فقد أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن هذا التعبير ليس مجازياً وإنما حقيقة علمية، وقد اكتشف العلماء أن السر وراء وفاة بعض الأشخاص كان بسبب الحزن. وقد أكد علماء في جامعة إمبريل بلندن أن أحداث الحياة المجهدة والأليمة أحياناً تزيد من مستويات جزأين في خلايا القلب يلعبان دوراً مهماً في تطور «متلازمة القلب المنكسر».

ومتلازمة القلب المنكسر حالة قلبية مؤقتة غالباً ما تنتج بعد المواقف المسببة للتوتر والشعور بالحزن، ووفق الدراسة المنشورة في مجلة «Cardiovascular Research»، فإن العلماء ربطوا الآن هذه المتلازمة بجزيئات في القلب مرتبطة بالاكتئاب والقلق والتوتر، ما يشير إلى أن الضائقة طويلة المدى التي تليها صدمة عاطفية، يمكن أن تؤدي إلى حدوث متلازمة القلب المنكسر، وغالباً ما تشبه أعراض هذه المتلازمة أعراض النوبة القلبية، وتسبب آلاماً في الصدر وضيقاً في التنفس، ويمكن أن تؤدي إلى توقف القلب عن النبض.

فجبر الخواطر من الأخلاق الإسلامية التي تدلُّ على سمو النفس وسلامة الصدر ، كأن تجبر بخاطر طفل أو رجل أو مُسن أو امرأة، لك أجرٌ عظيم ولنا في رسول الله أسوة حسنة فقصته صلى الله عليه وسلم مع الصحابي

زاهر بن حرام هو رجل من بين أهلِ الباديةِ، كان يُهدي للرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الهديَّةَ؛ فيُجهِّزُه النبي صلى اللهُ عليه وسلَّم إن أراد الخروج، فقال في ذلك الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم (إنَّ زاهرًا بَادِينَا ونحنُ حاضِروه، فأتاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يبيعُ متاعَه فاحتضَنه مِن خلْفِه، والرَّجُلُ لا يُبصِرُه فقال: أرسِلْني، مَن هذا؟ فلمَّا عرَف أنَّه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جعَل يُلزِقُ ظهرَه بصدرِه…).
(فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَن يشتري هذا العبدَ؟، فقال زاهرٌ: تجِدُني يا رسولَ اللهِ كاسدًا، قال: لكنَّك عندَ اللهِ لَسْتَ بكاسدٍ، أو قال: بل أنتَ عندَ اللهِ غَالٍ).
وكان ذلك التصرف من الرسول صلى الله عليه وسلم به قدر كبير من جبر الخواطر عندما مازح الصحابي زاهر رضي الله عنه وحين أثنى عليه.
فقد يرى البعض أنه شيئاً بسيطاً، لكنه قد يغير حياة شخص بشكل كلي ، فطوبى لمن يمشي في الأرض ويجعله الله سبباً في جبر الخواطر.

همسة : من سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر.

عن شعبان توكل

شاهد أيضاً

البدر ظاهرة شعرية وإنسانية لن تتكرر

بقلم _ محمد الفايز خيم الحزن على سماء الوطن بغياب الأمير بدر بن عبدالمحسن الشخصية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.