حوار

الكاتب الليبي أحمد عبدالسلام مازن : ارتباط وثيق بين أساليب الشعر الفصيح والشعر الشعبي

حاورته / ريم العبدلي

تصوير طارق الهوني

الكاتب الليبي أحمد عبدالسلام مازن صاحب كتاب مقاربات شعرية -أغانى النخيخة في واحات الجفرة – الذي صدر له مؤخراً والذى يعتبر من أكبر الكتاب فى ليبيا التقيناه وكان لنا معه هذا الحوار ،
استاذ احمد لو سمحت لنا وتفضلت علينا نبذة مختصرة عن منطقة الجفرة؟
-بداية أود أن أشكركم على إتاحة هذه الفرصة للتعريف بكتابي الأول مقاربات شعرية – أغاني النخيخة فى واحات الجفرة الذي صدر مؤخراً عن دار الجابر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان.
تقع منطقة الجفرة وسط ليبيا تبعد عن العاصمة الليبية طرابلس بمسافة 650كم و عن سرت بمسافة 250كم، تتميز بمناخها الصحراوي، يكثر فيها النخيل الذي ينتج أجود وأرقى أصناف التمور، وتعد التمور أهم منتجات المنطقة قديماً وفي الحاضر.

كما أنها غنية بالموروث الشعبي الذي انتشر في ليبيا وحتى خارجها، فقد تغنى بأغانيها العديد من الفنانين أمثال الفنان محمد حسن ومريم السعفي في أغنية سكب سال دمع الميامي حذايف والفنان علي الشعالية في أغنية عيني على مشكاي تبكي تبكي كل زول معاي والفنان مصطفى طالب في أغنية في مولى الخدود نقية والفنان محمد السيليني والفنانة لطيفة العرفاوي في أغنية من المغرب تقوى ناره لصاحبها الفنان الشعبي أحمد جدَّاد والفنان رمضان كازوز في أغنية عشق شقَّني مع التصرف في كلماتها وغيرها من الأغاني، تضم منطقة الجفرة جغرافياً ثلاث مدن، ودَّان تحتضن رالي تيتي السنوي للرياضات الميكانيكية ، هون تقيم سنوياً مهرجان الخريف السياحي الدولي ، سوكنة لها مهرجانها السنوي ملاقاة الربيع، وهذه المهرجانات تقوم بعرض لوحات تراثية تخص المنطقة ، توجد في منطقة الجفرة العديد من الآثار والنقوش وبقايا مدن موغلة في القدم.
عما يتحدث كتاب مقاربات شعرية ؟
ـ الكتاب يتناول سبعة عشر أغنية من اغاني النخيخة بشرح معاني الكلمات والصور البلاغية والأساليب البيانية من حذف وتقديم وتأخير والتعبير بالجزء عن الكل والكل عن الجزء والالتفات من ضمير إلى ضمير آخر وغيرها من الأساليب التي اتبعها العرب في كلامهم


أمثلة من كتابك؟
-في أغنية مطلعها يقول : حمرا على لون شمس القوايل ، وعيونك ذبايل، ورجلى على فيم حوشك سبايل.
فعندما قال حمرا على لون شمس القوايل حذف الضمير المخاطب أنتِ فالأصل انتِ حمرا على لون شمس القويل وهذا ما يفيده سياق المطلع ولكنه حذف الضمير لأجل الوزن وتنبيه سامعيه وجلب انتباههم، فكأنه يتحدث من غائب، وعيونك ذبايل، التفت في خطابه من الغيبة إلى ضمير المخاطب ، وأتى بحرف الواو ليحدث انفعالا نفسياً أو ليرفع مستوى الانفعال إضفاء شيء من التأكيد والذهول فكأنه أراد أن يقول أن بياض البشرة الشديد الذي عبر عنه بالاحمرار وهذا سائر في اللهجة الليبية وذبول العين قلما يجتمعان في امرأة، ثم هناك ترابط او تناسب بين کلمتي قوايل و ذبايل إذ أن في القيلولة يحدث خمول او ذبول يشعر به المرء و يحدث هذا في النبات فلذلك كان من المناسب في هذه الحالة وصف العين بالذبول.

بعد ذلك قال ورجلي على فم حوشك سبایل، هنا عبر بالجزء عن الكل ففي الحقيقة أن الرجل لن تمشي لوحدها ولكن هو بذاته لأن الرجل من أداة أو جارحة المشى وهذا التعبير أحدث حركة في الصورة والمتلقي سيقع في خلده حركته ومشيته إلى حوش المعنية بالأمر، نلاحظ استخدامة لصبغة منتهى الجموع في الكلمات القوايل ، ذبايل ، سبايل للمبالغة
من أين جاءت فكرة الكتاب؟
ـ جاءت من خلال الاطلاع على أغانى النخيخة وكذلك الشعر الشعبي. نجد أن هناك ارتباط وثيق وتطابق بين أساليب الشعر الفصيح والشعر الشعبي من حيث التشبيهات والاستعارات فمثلاً في المقطع أعلاه استعار الشاعر لون شمس القوابل لبياض بشرة حبيبته وهذا وارد في الشعر الفصيح قال البحتري:
شمس تألق والفراق غروبها
عنا وبدر والعدود كسونه
وكما قال العباس بن الأحنف
نعمة كالشمس لما طلعت
وبثت الاشراق في كل بلد
وهذا يشمل وصف العيون والاسنان والخدود والخصور والرموش وغيرها مما يتغنى به الشعراء من صفات جمال المرأة قديماً وحديثاً.
بما يهدف الكتاب؟؟
ـ يهدف إلى توثيق مجموعة من أغاني أو أشعار النخيخة، ثم بث الروح في هذه النصوص إذ أن الدراسة والنقد والبحث هى التى تجعل النصوص الأدبية ثرية وتجعل لها حضوراً في المشهد الأدبى و الثقافي ألا ترين أنه الى الآن تصدر أبحاث ودراسات حول الأدب القديم الجاهلي أو صدر الإسلام والأموى والعباسي وغيرها من العصور التى على ضوئها صنف الأدب العربي .

كما أن الدراسات والأبحاث تتناول العديد من الشعراء مثل امرئ القيس والفرزدق و المتنبى وغيرهم من الشعراء قديماً وحديثاً، لذا أرى دراسة نصوص الشعر الشعبي تجعل له حضوراً في الخارطة الأدبية واستمراراً في العطاء.
كلمة نختم بها جلستنا هذه ؟
-أشكركم مرة أخرى على اتاحة هذه السانحة، طبعاً نعرف أن الكمال لله وحده كما يقولون، فأي عمل يقوم به الانسان يعتريه النقصان ولكن يبقى هذا الكتاب محاولة متواضعة للغوص في أدبيات النص الشعبي، آمل أن ينال إعجاب والمهتمين والقراء وأن يكون إضافة قيمة للمكتبة التراثية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى