الدكتور/ محمد أديب محمود عبد السلام بروفيسور في الإعلام الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم
(المعلم) .. هذا عنوان مقالتي لهذا الأسبوع اخترت هذا العنوان المفرد بمناسبة عيد المعلم الذي يصادف يوم السادس من أكتوبر اليوم العالمي للمعلم من كل عام وهنا لي ملاحظة بسيطة هو أن ديننا الحنيف قد قدر المعلم قبل ذلك بآلاف السنين فالحق عز وجل يقول “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” وفي الحديث إن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم صلى الله عليك يا سيدي يا حبيبي يا رسول الله فأنت المعلم الأول الذي أنار للبشرية طريقها وأنت الذي وضع الأسس لهذه العلوم كلها العلوم الدينية والدنيوية ورضي الله عن الإمام علي بن أبي طالب الذي يقول قولا مأثورا من علمني حرفا صرت له عبدا
أيها الأحبة إن المعلم صاحب قدر وجاه في مختلف العصور والأزمنة والآن في هذا العهد المبارك وفي هذه المملكة الفتية اهتم الملك المؤسس رحمه الله بالتعليم والعلم والعلماء ، فبعد أن وطن البادية كان أول ما يفعله يرسل لهم المعلم الذي يعلمهم أمور دينهم ودنياهم في هجرهم في أماكن تواجدهم في حلهم وترحالهم
وعندما أنشأت وزارة المعارف وتولى أول وزير الله المغفور له الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله رحمة واسعة كانت كل يوم تفتح مدرسة على أقل تقدير بل أنه في عام من الأعوام فتحت ألف مدرسة هذا يدل على أن القيادة منذ البداية أولت التعليم والعلم والعلماء مقدارا كبيرا لا يستهان به والحمد لله على ذلك لازلت ترن في أذني كلمات شوقي وهو أمير للشعراء عندما قال في معلمه : قم للمعلم وفه التبجيلا – كاد المعلم أن يكون رسولا
أرأيت أكرم أو أجل من الذي ينشئ ويبني أنفسا وعقولا) .
لله درك ورحمك الله رحمة واسعة.
المعلم يعطي ولا يضل ولا يبخل وقد أكرمني الله بأن والدي معلم بدأ تعليمه في رحاب المسجد النبوي الشريف وفي مدرسة العلوم الشرعية وتخرج منها من قسمها العالي ، ثم التحق بمدرسة الصحراء معلما في المسيجيد عام 1369 هجري مع المغفور له سالم داغستاني مدير المدرسة وهو المدرس الوحيد فيها وكان يأتيه كل من الأساتذة الأفاضل الكرام فضي عوض الرحيلي ، حماد الأحمدي محمد سالم الرحيلي ، عيد الردادي وغيرهم كثير لكن هؤلاء عاصرتهم وسمعت منهم هذه الحكاية وقد رواها لي قبل ذلك والدي.
كانوا يأتوه من بئر الروحاء ومن الردادي ، ومن أماكن تبعد مسافات يوميا لتلقي العلم ، حتى كلم صاحب القهوة الشيخ حمدان علي الذي كان لديه مقهى في المسيجيد بأن خصص لهم غرفة ليقيموا فيها ، ريثما تنشئ لهم المدرسة غرفة مساندة كالسكن الداخلي .
وقد تم ذلك بحمد الله ولم تمضي فترة والدي حتى عاد إلى المدينة وهم معه وأدخلهم معهد المعلمين وأصبحوا مدراء مدارس ، وشرفت بأن أصبح الأستاذ عيد سالم الردادي مديري في المرحلة المتوسطة والأستاذ فضي معوض الرحيلي كان زميلا لوالدي وأصبح مديرا للمدرسة الفيصلية والأستاذ حماد الأحمدي رحمه الله أصبح مديرا للتفتيش مع الأستاذ صالح بدر الحيدري والأستاذ محمد سالم الرحيلي أصبح مديري أيضا في مرحلة الثانوية رحمهم الله جميعا وأمد في عمر من بقي منهم بالصحة والعافية متعهم وهؤلاء .
هم خلاصة وصورة لمجتمع المدينة بشكل خاص في تلك الحقبة في السبعينيات الهجرية وما شابهها وما عادلها والحمد لله أن بادية وحاضرة اتحدوا في طلب العلم.
يوم المعلم العالمي يوم نحفل ونحتفل به ونعرف قدر معلمينا ولكن للأسف في الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة الاعتداء على المعلمين وسنت الدولة الأنظمة والقوانين الصارمة في ذلك ، وهذا كله يجعلنا نتساءل هل اختلفت المقاييس، هل اختلف أداء المعلمين ، هل تغيرت المناهج هل تغير الطلاب أسئلة ينبغي أن توضع على طاولة البحث وتحت المجهر ليجاب عليها.
نعيب زماننا والعيب فينا ومال زماننا عيب سوانا ، نحن يجب أن نقدر ونقدس المعلم ويجب أن نعطي للمعلم قدره ومقداره الذي أعطاه الحق عز وجل له حيث يقول وهو أصدق القائلين ” يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات”لا اجتهاد مع النص ويقول الحق عز وجل فوق كل ذي علم عليم.
ماذا بعد هذا ينبغي والحمد لله نحن في مدينة رسول الله أول جامعة وأول مدرسة في الإسلام المسجد النبوي الشريف تخرج منه آلاف المعلمين بأعداد لا يعلمها إلا الله عز وجل في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل بإذن الله. يستمر هذا المسجد وهذا الحرم الذي تربينا ونهلنا العلم من خلاله وفي ظلاله أداة مشعة تنير الطريق للعالم أجمع للعالم الإسلامي للعالم العربي للعالم أجمع حتى يأخذوا من نوره ويستفيدوا من علمائه وطلبة العلم فيه.
إن أردتها إلا ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.