وباء كورونا والصحة النفسية

 

بقلم أخصائي نفسي : ميسه الحارثي

 

منذ خواتيم العام 2019 وأخذ وباء كورونا في الانتشار، بدأت معطيات جديدة بالظهور على الساحة، فلم يكن العالم معطياً احتمالاً أو مبدئا استعداداً لمجابهة وباء عالمي بهذه الشراسة.

من الصعب أن تنكر أي دولة تأثرها بالوباء، وكذلك الحال مع قطاعات العمل والتعليم والخدمات بشكل عام، ويشمل ذلك أيضاً المواطنين والأفراد.

فلو تناولنا على سبيل المثال قطاع الاقتصاد، فسنجد تأثراً كبيراً في هذا القطاع على مستوى الأفراد والشركات، كما أن تلك الجائحة فاقمت من أزمة البطالة؛ حيث اضطرت كثير من القطاعات الخاصة إلى تسريح موظفيها.

كذلك الحال أيضاً مع قطاع التعليم حيث أغلقت المدارس والجامعات أبوابها، ومختلف المراكز التعليمية، بالإضافة إلى تأثر القطاعات الخاصة الحكومية، وبدء الحظر العام والتزام المنازل.

جاءت أزمة كورونا مصحوبةً بالعديد من التبعات، حيث صاحبها اضطراب في الاقتصاد وركود في الأسواق، ما تسبب في خسائر الشركات وأصحاب المشاريع، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد نتج عن ذاك الركود زيادة في معدلات البطالة وتسريح العمال والموظفين.

يضاف إلى هذا إغلاق المؤسسات التعليمية، والنوادي الرياضية وبدء الحجر المنزلي، الأمر الذي قاد إلى عزلة اجتماعية، وبدوره ارتفاع في المشاكل النفسية.

قبل انتشار وباء كورونا كانت الدراسات البحثية تشير إلى أن واحداً من ضمن خمسة من الأطفال والمراهقين يعاني من مشاكل نفسية، النسبة التي تزايدت في ظل وجود الوباء.

واحدة من أكبر المسببات للأزمة النفسية لدى الأطفال والمراهقين هي العزلة الاجتماعية، حيث لا تلاقي مع الأصدقاء، ولا ممارسة للرياضة وارتياد النوادي، ولا أماكن للتنزه حيث أن الحظر مفروض، إضافة للتباعد الاجتماعي الإلزامي بين الناس، كما يفتقر أيضاً الأطفال والمراهقين إلى مهارات التكيف والتعامل مع الأزمات والمشاكل.

ومما فاقم من تلك الأزمة لدى الشباب هي البطالة والمشاكل الاقتصادية، فبعد أن طرقت الأزمة الأبواب صار على كاهل الشباب عبء اقتصادي يختلف عن سابقه، وهذا نتيجة الصرف على العلاج والخدمة الصحية، بالإضافة إلى تسريح العمالة من الشركات نتيجة الركود والخسائر الاقتصادية، وصعوبة إيجاد فرص مناسبة للعمل، واضطراب مصادر الدخل.

 

تأثير الأزمة على سلوكيات الأفراد
الإدمان

نتيجة للعزلة، والملل، وضغوطات الحياة والعجز وفقدان الحيلة؛ كان النتاج مع بعض الناس هو الاتجاه نحو الإدمان، وبخلاف الوضع سابقاً، حيث كان البعض يسلك منحى الإدمان من باب مواكبة الأقران من عمره والتماشي مع الحال السائد، كان الدافع هذه المرة هو الضغط النفسي والوحدة (على الرغم من أن هذا ليس مبرراً لانتهاج هذا النهج الخاطئ).

سوء التغذية

الزائدات هذه المشكلة سوءاً مع بدء أزمة الوباء، ففي المرضى المصابين باضطرابات الطعام كفقدان الشهية العصبي، أو نهم الأكل.

يوجد سببان شاركا بشكل أساسي في هذه القضية: أولهما التقلبات الحياتية التي تزامنت مع بداية الوباء، وثانيهما كان من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي.

مع بداية الأزمة بدأت وسائل التواصل تعجُّ بحملات الرياضة في المنزل، والأكل الصحي ونظم التخسيس، والرشاقة، وامتلاء وسائل التواصل بتباهي الناس برشاقتهم وصورهم وإنجازاتهم في فترة الوباء؛ الأمر الذي انعكس بصورة سلبية على بعض الناس وخاصة المرضى باضطرابات الأكل، وخاصة مع غياب الدعم الاجتماعي والتشجيع على العمل.

 

الاكتئاب والانتحار

بالتبعية مع تلك الضغوطات النفسية، ومع الأزمة الاقتصادية، والعزلة الاجتماعية، ورؤية الشخص لمن قضوا نحبهم من دائرة معارفه، والقلق من العدوى؛ كان نتاج كل هذا هو الدخول في نوبات من الاكتئاب والتوتر والألم النفسي.

 ومع افتقار البعض لمهارة التعامل والتكيف مع المشاكل، ويضاف إلى هذا ضعف الإيمان واليقين بالله وفهم الغاية والمقصد من الوجود على الأرض؛ كان من البعض الاتجاه صوب الانتحار، وكان للولايات المتحدة والبلاد الأجنبية النصيب الأكبر من هذا.

 

التعامل مع الأزمة

في ظل وجود هذه الأزمة وتأثيرها على مختلف الفئات العمرية، فمن الضروري الاتجاه نحو التثقيف بالمشاكل النفسية، وكيفية التعامل مع الأزمات والضغوطات، وفهم الغاية من الوجود في هذه الدنيا وفهم المقصد الإلهي من وراء الابتلاء.

تجاوباً مع إجراءات العزل والحظر في ظل وجود فيروس كرورنا بدأ الاتجاه لتوفير الاستشارات النفسية عن بعد، وذلك لفتح باب المساعدة للمرضى، بما يتناسب مع الظروف المحيطة ولمنع انتشار العدوى، وحريُّ بمن تعرض لمشاكل وأزمات نفسية أن يطلب العون من أهل الاختصاص.

 

 

ميسه الحارثي

عن عبدالعزيز عطيه العنزي

شاهد أيضاً

يُنذر بعودة الكمامات.. خبراء يحذرون من انتشار “المتحور أركتوروس”

عبد الله الحايطي ـ متابعات حذر خبراء بريطانيون، من انتشار متحور “كوفيد” شديدة العدوى، الذي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.