يا لسحر الكلام!

 

بقلم: بهيرة الحلبي

زعيم الأمة الهندية المهاتما غاندي يقول: ” كن أنت التغيير الذي تريده في العالم “، وفي الأمثال الشعبية يقولون: ” الكلام الحلو يُخرج الحية من وكرها ” .  وصلني منذ أيام عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيديو مؤثر ومحفز ويستحق المشاهدة ، فقد تخلله الكثير من النصائح الهامة والمواعظ الهادفة التي تخاطب الروح وتنمي الذكاء العاطفي عند الانسان ، كان الفيديو يحكي عن قصة السيدة التي كانت تعاني من سوء معاملة أم زوجها وكيف أنها اندفعت بسبب ذلك إلى صديق والدها الذي كان يعمل في محل عطارة وطلبت منه أن يعطيها سماً تُنهي به حياة حماتها التي نكدت عيشها  ، فاستجاب لها ذاك العطار وأعطاها المطلوب وأوصاها أن تستخدم العبوة على مدار شهرين بمعدل قطرة كل يوم ، وأوصاها في الوقت ذاته أن تُظهر لحماتها خلال تلك الفترة كل حسن وتغدق عليها بالهدايا ما استطاعت ، فامتثلت هذه السيدة  لتوجيهاته وبدأت تظهر كل محبة لأم زوجها  وحينها اكتشفت تغيراً ملموساً في معاملة حماتها لها ، فقد أصبحت تودها وتحن عليها ، الأمر الذي دفع تلك السيدة لأن تعدل عن رغبتها في القتل وتهرول إلى العطار نادمة على فعلها وترجوه أن يوقف مفعول السم  . وهنا أفشى لها ذاك العطار الحكيم أن العبوة كانت مجرد ماء عادي وليس فيه ضرر على الحياة وأن الذي جعل أم الزوج تتغير هو المعاملة الحسنة التي تلقتها من الكنّة ليس إلا …

يقول الله تعالى: ” لَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ” صدق الله العظيم. لماذا الحقد والكراهية ولماذا الغضب والهيجان ولماذا الحسد والغيرة، ولماذا الفجور في الخصومة إذا كانت النتيجة تزيد البلبلة وتعمق الخلافات؟ ألا تعلمون أن الكلام الجميل يطرب مسامع المرأة ويقوي المناعة بين الزوجين ويزيد الشعور بالسعادة ويعزز الأفكار الايجابية وأن كلمات الغزل تضاعف الاستقرار النفسي وتقوي الثقة بالنفس وتدفع الانسان للعمل والابداع. وأن التسامح مع الآخرين هي صفة الأقوياء وسمة الشجعان. وقد يسأل سائل ما فائدة الحوار مع شخص أحمق يقوم بأعمال متهورة دون مراعاة للعواقب، وهنا نقول له أبق هادئاً في تعاملك معه وأعرف خلفيته الثقافية أولاً، ثم استمع إلى وجهات نظره فربما يكون مبدعاً في أكثر مما توقعته، وهناك أيضاً من يقول ما فائدة التهذيب مع شخص وقح قليل الحياء ؟، وفي هذه الحالة نقول له أن الوقح يكتسب صفاته من البيئة المحيطة به، ويمكن أن يتغير للأفضل حين نعامله بلطف ونتجنب استفزازه، وقد يتحول في لحظة من الوقاحة للامتنان.

حقاً إن ما يناله الانسان بدبلوماسيته وحلو لسانه لا يناله بقوة سلطانه، ويظل الصلح في الأعراف الاجتماعية هو سيد الأحكام، ويظل السلم والسلام بين الدول هو صمام الأمان ورهان الأجيال القادمة.

عن د. وسيلة الحلبي

شاهد أيضاً

تخرّفن

المدينة المنورة- سمير الفرشوطي أصبح استغلال الشباب والبنات للصداقات المادية في عالم تسوده قيم المادة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.