مقالات و رأي

“القادة وصناعة النجاح”

المستشار/ هاني زكي الفل

في عالم متسارع التغيرات، لم يعد نجاح المؤسسات مرتبطًا فقط بالإمكانات المادية أو التكنولوجيا الحديثة، بل أصبح مرهونًا بقدرة القادة على الإدارة الفعّالة وتحفيز الأفراد وصناعة بيئة عمل ملهمة.
ففن الإدارة لا يقتصر على التخطيط والتنظيم فحسب، بل يشمل القيادة الواعية والتمكّن من التعامل مع التحديات اليومية بثقة وكفاءة.

فالقائد هو الشخص الذي يمتلك القدرة على التأثير في الآخرين، وتوجيههم نحو تحقيق أهداف مشتركة، بأسلوب يلهم، ويزرع الثقة، ويعزز الانتماء.
القيادة ليست منصبًا فحسب، بل هي سلوك وفكر ورؤية واضحة.

ولكي يكون القائد ناجحًا ومؤثرًا، يجب أن يتحلى بمجموعة من الصفات، أبرزها:
1. الرؤية الواضحة: القائد الناجح يرى المستقبل بوضوح، ويضع أهدافًا واقعية وطموحة.
2. القدرة على اتخاذ القرار: التردد يقتل الفرص، والقائد الجيد قادر على اتخاذ قرارات حاسمة في الوقت المناسب.
3. المرونة: يواكب التغييرات ويتعامل مع الأزمات بذكاء وهدوء.
4. العدل والشفافية: يبني الثقة داخل الفريق من خلال الإنصاف والصدق في التعامل.
5. التحفيز والإلهام: يعرف كيف يحفّز فريقه ويستخرج أفضل ما لديهم.
6. مهارات التواصل: ينقل أفكاره بوضوح ويستمع جيدًا لمن حوله.

اما عن الإدارة الناجحة فتقوم على التوازن بين تحقيق الأهداف واحتواء الفريق. فالقائد المتمكن هو من يستطيع توجيه المؤسسة لتحقيق نتائج ملموسة، وفي الوقت ذاته يخلق بيئة عمل محفزة ومستقرة.

بعض الأمثلة عن قادة متميزين:

• الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-: مؤسس المملكة العربية السعودية، قاد مسيرة التوحيد ببصيرة سياسية وقيادة حكيمة، ووضع الأساس لدولة حديثة ومزدهرة.
•خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-: قائد التحول المؤسسي، شهدت المملكة في عهده توسعات ضخمة في الحرمين الشريفين، وتطورت البنية التحتية والتعليم والخدمات الحكومية.
• خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-: قائد الحزم والعزم، عُرف بحكمته في الإدارة الداخلية والخارجية، وأشرف على إطلاق برامج تطويرية شاملة.
• سمو ولي العهد الامين الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-: مهندس رؤية 2030، أحدث نقلة نوعية في الاقتصاد والمجتمع السعودي، وعزز من دور المملكة عالميًا.

• الأميرة ريما بنت بندر آل سعود: أول سفيرة سعودية في تاريخ المملكة، تمثل نموذجًا مشرفًا للمرأة السعودية القيادية في المحافل الدولية.
• الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله-: أحد أبرز القادة الإداريين والمثقفين، قاد وزارات متعددة بكفاءة وترك إرثًا غنيًا في الفكر والإدارة والتنمية.

من خلال استعراض سيرة القادة، نكتشف مجموعة من المبادئ والدروس التي يمكن لكل فرد أن يستفيد منها في حياته وعمله:
1. الرؤية الواضحة تصنع المستقبل
كما فعل الملك عبدالعزيز -رحمه الله- حين وضع لبنات دولة موحدة، برؤية واضحة واستراتيجية طويلة المدى.
2. القيادة تقوم على خدمة الوطن والمواطن
وهذا ما نراه في سياسات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، حيث تركز القيادة على الإنسان السعودي وتمكينه.
3. الجرأة في التغيير تصنع الفارق
كما جسدها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في إطلاقه لرؤية 2030، مؤمنًا بأن الطموح لا حدود له، وأن التغيير ضرورة للتقدم.

4. التمكين ليس حكرًا على الرجال
كما قدمت الأميرة ريما بنت بندر نموذجًا ملهمًا للمرأة السعودية القادرة على القيادة في الداخل والخارج.
5. التوازن بين الفكر والعمل
الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- كان مثالاً على القائد المثقف الذي يوازن بين الإبداع الإداري والحضور الثقافي

وفي الختام بعض القادة يُولدون بصفات قيادية فطرية، ويطوّرونها مع مرور الوقت من خلال التجربة والممارسة، بينما يكتسب آخرون فن الإدارة بالتعلم والتدريب المستمر. فالقوة الإدارية لا تقتصر على الموهبة، بل تتعزز بالإرادة والمعرفة والتطوير الدائم. والقائد المتمكن هو من يدرك أن قيادته ليست سلطة بل مسؤولية، وأن نجاحه يقاس بقدر ما يصنعه من فرق في منظمته وفي حياة من حوله.
فليكن كلٌّ منا قائدًا في موقعه، يرسم الطريق ويترك أثرًا يُحتذى به.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى