الضرب تحت الحزام

✍🏻 بقلم: إبراهيم النعمي
حقيقةً، أنا لا أدّعي الكمال، ولا أزعم المثالية، ولكنّني لا أحمل في قلبي إلا المحبة الصادقة والتقدير العميق لكل الزملاء والزميلات في مهنة الصحافة.
إلا أنني، خلال مسيرتي، صادفت بعض المواقف الغريبة والمؤسفة من بعض الزملاء، وأذكر منها موقفًا في إحدى الصحف الإلكترونية التي كنت أكتب فيها بانتظام. فقد لاحظت أن مقالاتي لا تُنشر في الوقت المناسب، وأحيانًا تُرفض دون سبب واضح. وعندما تواصلت مع الناشر، قال لي بصراحة:
“أنصحك بالخروج من الصحيفة، لأن الأستاذ فلان لا يريدك هنا… يخشى أن تأخذ مكانه.”
أجبته شاكرًا:شكرًا لك، ولكنني لا أسعى للمناصب ولا أبحث عن المسؤوليات. فقط أكتب لأنني أحب الكلمة الصادقة.”
وغادرت بهدوء دون ضجيج، ولكنني حزنت لهذا التصرف، ليس من باب الغضب، بل لأنني لم أتوقع أن يصل الحسد إلى هذا الحد بين الزملاء.
وقد قال الإمام الشافعي – رحمه الله:
كلُّ العداوةِ قد تُرْجى مَوَدَّتُهَا
إلاَّ عداوةَ من عَادَاكَ عن حَسَدِ
وقال أيضًا:
داريت كل الناس لكن حاسدي
مداراته عزّت وعزّ فعالها
وكيف يداري المرءُ حاسدَ نعمةٍ
إذا كان لا يرضيه إلا زوالها
لا أدري لماذا يستشري الحسد بين الناس، وقد نهى عنه ديننا الحنيف، ففي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
“لا تَحاسدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا يَبِعْ بعضُكم على بيعِ بعضٍ، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، المسلمُ أخو المسلم، لا يَظلمه، ولا يَخذُله، ولا يَحقِرُه… كل المسلم على المسلم حرام: دمُه، ومالُه، وعِرضُه.”
[رواه مسلم]
أكتب هذه الكلمات لا شكوى، ولكن تذكيرًا بأننا مهما اختلفنا، نظل أبناء مهنة واحدة، تجمعنا الكلمة، ويفترض أن توحدنا الحقيقة، لا أن تفرقنا الأهواء والحسابات الضيقة.
لكل من ظلمني: لا أحمل في قلبي إلا الدعاء.
ولكل من ساندني: جزاك الله خيرًا.
ولعل في هذا درسًا لنا جميعًا أن نترفّع عن الصغائر، وأن نمدّ أيدينا لبعضنا، لا أن نُخفي السكاكين تحت الطاولات.



