مقالات و رأي

نسمة عابرة..حين يسقط الحب من عينه

فوزية عباس

كان الحب يومًا ما وطنًا أخضراً نخوض فيه حفاة القلوب، نستنشق هواءه النقي كأطفال لا يعرفون سوى البراءة.
كنا حين نحبُّ نمنح الآخر مفاتيح أرواحنا ونفتح نوافذنا للريح كي تدخل وتغيّرنا للأجمل.
لكن، ما إن تسقط غلطة صغيرة ـ حتى لو كانت عفوية، غير مقصودة ـ حتى يتحوّل ذلك الوطن إلى صحراء قاحلة، وتُطفأ قناديل كانت تضيء ليلنا الطويل.

أيعقل أن يكون الحب الحقيقي، الذي يُقال إنه لا يموت، بهذا الهشاش؟
أيعقل أن يُسقطه زلّة عابرة كأوراق خريف تتهاوى من شجرة كانت باسقة؟

كان الحب في الماضي يشبه البحر؛ مهما ألقيت فيه من شوائب ظلّ يحتضنك بموجه ويعيدك نظيفًا.
كان الحب احترامًا يزهو به المحب، وفخرًا يتزيّن به كوسام على الصدر.
كان ملاذًا رحيمًا، لا محكمة قاسية تُصدر أحكامها بلا مرافعة.

اليوم صار الحب في أعين كثيرين أشبه بمرآة هشة؛ خدش صغير يكفي ليكسّرها، ويبعثر انعكاس الأرواح المتشابكة.
صار سريع الاشتعال وسريع الانطفاء، كشمعة لا تحتمل ن

لكن ـ ورغم هذا كله ـ يبقى هناك حبٌّ نادر، حبٌّ لا يقيس المشاعر بميزان الأخطاء،
حبٌّ يقرأ خلف الزلات عذرًا، ويرى في الضعف البشري فرصة للرحمة لا سلاحًا للقصاص.
ذلك هو الحب الذي لا يموت، ولا ينسى أن الإنسان بطبيعته يخطئ ويعتذر ويستحق فرصة.

ربما لم نفقد معنى الحب الحقيقي تمامًا، لكننا فقدنا الصبر الذي يحرسه، والرحمة التي تبقيه حيًّا.
وما لم نُحيِ هاتين القيمتين، سيظل الحب في حياتنا مثل وردة جميلة على جدار هش، أول ريح تكفي لاقتناصها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى